في استئناف ندوات الجنادريةاليوم - الرياض 2014/02/16 - 03:05:00
أكد المشاركون في ندوة "حركات الإسلام السياسي والدولة الوطنية.. الخطاب والواقع" التي استأنف بها البرنامج الثقافي المصاحب لفعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة الجنادرية "29" يوم الاول من امس، والمقام في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات، أهمية الوسطية الإسلامية والآراء التي توحّد الصف وتحافظ على الضرورات الخمس ونبذ العنف.
وشارك في الندوة التي أدارها الدكتور سليمان الضحيان كل من المستشار بالديوان الملكي وإمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، والدكتور مهند مبيضين من الأردن، والدكتور رشيد الخيون من العراق، والدكتور عبدالملك آل الشيخ من المملكة، والدكتور عبدالله السيد ولد أباه من موريتانيا.
وشدد الدكتور صالح بن حميد على أن السلفية الصحيحة ليست جماعة ولا حزباً، ولا تيارًا، ولا حركة، ولا تكتلا سياسيًا، وأن منهج السلف الصالح ليس حقبة تاريخية محدودة، ولا جماعة مذهبية محصورة، بل هو منهج مستمر لا يتقيد بزمان، ولا ينحصر بمكان.
وقال: "معالم السلف الصالح تظهر في إدراك فقه الواقع، وأدوات التمكين مع اللين، والحزم، والرحمة، والدفع بالتي هي أحسن، وأن من القصور في النظر والفهم حصر منهج السلف الصالح في قضايا معينة، أو بلد معين، أو فئة معينة فليست ثمة جماعة محصورة تمثل هذا المنهج، وإنما يوجد أفراد وجماعات ينتمون إلى هذا المنهج وينتسبون إليه، ويسعون لتحقيق منهج السلف الصالح".
وأضاف: إن منهج السلف الصالح ليس مسئولاً عن أخطاء بعض المنتسبين إليه، وإنما تنسب الأقوال والأفعال والتصرفات إلى أصحابها وجماعاتها لا إلى المنهج، لافتا النظر إلى معالم منهج السلف الصالح الذي يعتمد على النص الشرعي، وفهم السلف الصالح وطرق استدلالهم، ومصدر التلقي عندهم، وأن ذلك ليس محصورًا في فهم عالم بعينه.
وأشار ابن حميد إلى أن أصول منهج السلف الصالح ومبادئه لم يولدها فكر بشري، ولا ظرف تاريخي، ولا اجتهاد مجتهد، بل عمادها الكتاب والسنة، مؤكداً أهمية لزوم اتّباع الكتاب العزيز والسنة النبوية الصحيحة الثابتة، والحذر من اتباع الهوى والبدع، بجانب العناية بلزوم الجماعة والسمع والطاعة بالمعروف في المنشط والمكره، وضرورة تقديمها، مهما صعبت الظروف، وأظلمت الدروب، مفيداً أن من حق الناس المطالبة بحقوقهم من الولاة، ولا تنافي بين لزوم السمع والطاعة، وظهور بعض المظالم، وحق المطالبة بالحقوق، ورفع المظالم".
وأبرز الشيخ ابن حميد أن من معالم منهج السلف الصالح النصيحة في إخلاص، وصدق، وديانة، وحفظ الحق والمكانة، والبعد عن التشنيع والتشهير، أو سلوك مسالك تؤدي إلى التفرق والشحناء، بالإضافة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقال: "إن مصدر التلقي الوحي، ومنهج السلف الصالح يعرضون عقولهم وفهمهم وآراءهم على الكتاب والسنة، فما وافقها قبلوه، وما خالفها أعرضوا عنه، ونص الشارع هو الأصل تنقاد إليه النفوس، وتعتمد عليه، وتتبعه ولا يتبعها، والحجة للنص الشرعي، وظاهر النص يؤخذ به، ويصار إلى التأويل بدليل وحجة النص لا ترد قطعيا كان النص أو ظنيا، وأن الالتزام بنصوص الكتاب والسنة لا ينكر العقل ومنزلته، فالعقل أعظم ما منح الله الإنسان وميزه به، فيه يتعرف على الأحكام الشرعية، وهو مناط التكليف، وأداة الاستنباط".
عقب ذلك تحدث الدكتور رشيد الخيون عن الإسلام السياسي في العراق مستعرضاً التجربة التي تشهدها الساحة العراقية، مشيرا في هذا الصدد إلى ما تشهده العراق من خلافات وصراعات بين أطياف المجتمع المتعددة، وأن الصراع القائم هو صراع على المراكز القيادية أكثر منه صراعا طائفيا أو مذهبيا.
من جهته تكلم الدكتور مهند مبيضين عن الوضع في الأردن والحركات الدينية والشعبية فيها والأحزاب السياسية التي تناغمت مع منهج الدولة.
وتحدث عن نفوذ الحركات الإسلامية في الساحة الأردنية، وأثر ذلك على الحراك الديمقراطي في دولة يؤدي فيها الوضع الاقتصادي دوراً لفرض أجندة تلك الحركات.
وتطرق الدكتور عبدالملك آل الشيخ في ورقته إلى العلاقة بين الإسلام والغرب وما أدت إليه بعض الأحداث العالمية من تأثير في تلك العلاقة، موردا اربع رؤى حول النظرة إلى الإسلام من قبل الغرب وعدداً من الكتب التي تدعم هذه الرؤى.
وقال: "إن الحديث عن أي موضوع في الجنادرية هو في الحقيقة نافذة للتواصل مع مختلف المشارب العربية والإسلامية والعالمية حول وضع راهن أو مستقبلي في سبيل خدمة الإنسان يعد بادرة طيبة تسجل للقائمين على الجنادرية"، مشيراً إلى أن المملكة تنطلق في ذلك من مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة التي تحفظ للأمة كرامتها.
فيما عقب الدكتور عبدالله السيد ولد أباه عن المشروع الإسلامي والواقع، مشيراً إلى أن ذلك ينطلق من أيدلوجية شرعية في الحكم ومفهوم الأمة والإمامة والمعايير التي تصب في هذا الاتجاه، مؤكدا أن الدولة الحديثة تقوم على مبدأ التعاقدية بين الحاكم والمحكوم.
فيما أكد المشاركون في ندوة "السعودية والتيارات السلفية في العالم العربي.. التوافق والاختلاف" التي عقدت بأن المملكة العربية السعودية تسير على نهج الوسطية التي حث عليها القرآن والسنة النبوية المطهرة.
واستعرضت الندوة التي أدارها الدكتور أحمد بن عثمان المزيد المنهج السلفي الصحيح الذي يسير عليه أهل السنة والجماعة، حيث شارك فيها فضيلة الشيخ أحمد ولد المرابط من موريتانيا والشيخ داعي الإسلام الشهال من لبنان والدكتور حمد بن ابراهيم العثمان من الكويت والدكتور ابراهيم الميمن من المملكة، تطرقوا فيها إلى تجربة المملكة مع الفكر المتطرف الذي أدى إلى خسائر بشرية ومادية ومعنوية لحقت بالمواطن والمقيم ومكتسبات الدولة وأثر ذلك على تشويه صورة الإسلام الصحيح، مشيرين إلى أن التيارات السلفية التي تعتمد على الأهواء والمفاهيم الخاطئة ولا تعتمد منهج السلف الصالح قد شوهت مسمى السلفية، وذلك بتقويض من أعداء الأمة الإسلامية التي سخرت ووظفت فرقا سمت نفسها بالسلفية، وتمارس الفكر الضال الذي يعتمد الغلو والتكفير لعلماء الأمة وقيادتها من أجل تفكيك اللحمة الإسلامية والوطنية في العالم العربي والإسلامي.
ولفت المشاركون الانتباه إلى أن المتربصين بالإسلام والمسلمين قاموا بشيطنة السلفية، من خلال ما يبث من تقارير وموضوعات إعلامية تصور السلفية بالتخلف والإرهاب والعدوانية، وشددوا على أن السلفية الصحيحة التي تنتهجها المملكة العربية السعودية سلفية منفتحة منضبطة، تدعو إلى النماء والحضارة وتحقيق مصالح الأمة، دونما المساس بالثوابت والخروج على الأسس الصحيحة.
وأكدوا في الندوة أهمية المراجعة من أجل تصحيح الصورة المشوهة التي لحقت بالمنهج السلفي الصحيح الذي ينبذ العنف والغلو والتطرف والإرهاب بكل أنواعه وأشكاله، وأن تعدد الملل لما يسمى بالسلفية التي تعتمد منهج التكفير والخروج على العلماء والقادة إنما يعد فتنة كبيرة تنال من جسد الأمة