عدنان برية - عمان
أبطل عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني قانون تقاعد النواب المثير للجدل، في أعقاب احتجاجات شعبية ضد تشريع يمنح النواب رواتب تقاعدية مرتفعة.
وكان مواطن اردني قد تقدم الى القضاء بشكوى لابطال القانون أمس الاثنين. ونصت الشكوى على استخدام النواب للسلطة التشريعية الممنوحة لهم، لتحقيق نفع خاص، مخالفين بذلك ما نص عليه الدستور الأردني من مهام للنواب تتعلق بالهيئة الناخبة ومصالحها.
ففي خطوة هي الأولى من نوعها، لجأ المواطن الاردني محمود أبو هلال إلى القضاء، مخاصما السلطة التشريعية، التي أقرت أخيرا رواتب تقاعدية مرتفعة لأعضائها، مثيرة موجة احتجاج شعبي عارمة، بلغت حد المواجهة الميدانية مع قوى الشرطة والأمن.
أبو هلال، الكاتب الصحافي، لجأ إلى القضاء الأردني بحثا عمن ينصف الطبقات الضعيفة في المجتمع، التي باتت ترزح تحت وطأة الفقر والبطالة، فيما تتنازع السلطات الرسمية نصيبها من موازنة الدولة، التي لامست مديونيتها حدودا لا طائل للاقتصاد الوطني بها.
يقول أبو هلال، الذي التقته "اليوم" عقب تسجيله قضية رسمية ضد مجلس النواب الأردني في قصر العدل: إن "الصمت على أداء السلطة التشريعية بات يضر بمستقبلنا الوطني".
ويرى أبو هلال، الذي ينتسب إلى الطبقة الوسطى أن خيارات الأردنيين باتت محصورة بين "النزول إلى الشارع، وتكرار مشاهد الربيع العربي"، وبين "مواجهة تعسف السلطات عبر القضاء، الذي نعتقد بنزاهته".
ويخاصم أبو هلال مجلس النواب، بصفته الاعتبارية، الذي شرّع أخيرا قانونا يمنح النائب راتبا تقاعديا مرتفعا، مخالفا الدستور الأردني، ومحققا نفعا خاصا من سلطة منحت له بالانتخاب.
تفاصيل كثيرة سبقت قبول القضاء بتسجيل القضية رقم 7153/2014، من بينها استشارة "مرجعية أمنية" قبيل قبولها، ما يجعل مستقبل القضية عرضة للتشكيك.
ونصت الشكوى على استخدام النواب للسلطة التشريعية، الممنوحة لهم، لتحقيق نفع خاص، مخالفين بذلك ما نص عليه الدستور الأردني من مهام للنواب تتعلق بالهيئة الناخبة ومصالحها.
وخصومة أبو هلال والنواب جاءت في أعقاب إقرار مجلس الأمة الأردني قانونا يمنح النواب رواتب تقاعدية تضاهي رواتب الوزراء التقاعدية، وتتزامن مع غضب شعبي عارم حيال الخطوة النيابية، تحول بعضه إلى مواجهة ميدانية بين فقراء ومتعطلين عن العمل، من جهة، وبين قوات الدرك والأمن من جهة أخرى.
ففي محافظة الطفيلة، جنوب الأردن، خرج المئات من المتعطلين عن العمل والفقراء إلى الشوارع في مسيرات غاضبة، طالبت بتوفير فرص عمل وحياة كريمة للأردنيين، وهو ما واجهته السلطات بالغاز المدمع والهراوات.
فيما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملات استنكار وإدانة لمجلس النواب، الذي يأخذ عليه النشطاء بأنه لم "ينجز شيئا لصالح الشعب منذ انتخابه بداية العام الماضي 2013".
"الدولة انسحبت تماماً من دورها الاجتماعي، وباتت السلطة ضرباً من ضروب البزنس"، يقول الكاتب الصحفي تامر خرمة، ويضيف: "المواطن مضطرّ لأن يدفع ثمن سياسات اقتصادية كارثية، وقرارات ارتجاليّة من قوت عياله".
ويرى خرمة أن "المهزلة الحقيقية إقرار مجلس الأمّة، المنشغل بنزوات شخصية بعيدة تماما عن ممارسة أيّ دور حقيقي، هي إقرار هذه الرواتب في ظل المأزق المعيشي للمواطن الأردني".
وعلى الرغم من خشية السلطات الحكومية من تعاظم مشكلات الفقر والبطالة، وتحولها إلى "حواضن متأهبة" و"جيوبا ممتدة" لاستقبال "التطرف والغلو"، إلا أن السلطة التشريعية تجاهلت الأمر، وأنجزت ما يحقق مصلحة النواب فقط.
هذه الأجواء، تأتي متزامنة مع جهد إقليمي ودولي، يشارك فيه الأردن، لمقاومة تمدد التطرف والإرهاب في المنطقة، وهو ما يراه النائب السابق محمد المراعية.
والنائب المراعية يرى أن "المتعطلين عن العمل والفقراء مستعدون للانضمام إلى جماعات متطرفة، حال لم تؤمن الدولة وظائف ينخرطون بها".
والعديد من النواب اتخذوا موقفا مناوئا لـ "الراتب التقاعدي"، إلا أن الغالبية العظمى انحازت له، وسوغته بـ "الضرورة"، وحاجة النائب له للقيام بواجبه التشريعي والرقابي.