احظ الكل امتداد أشكال الاحتجاج على خريطة المغرب في بؤر متعددة وما يهمنا هنا هي مدينة كليميم التي صدحت فيها حناجر المحتجين الشرفاء للمطالبة بحقوقهم الضائعة بين لوبيات الفساد، الذي استشرى في الإقليم، حيث يعتبر الأول من نوعه في تاريخ المداشر بتواطؤ رجال السلطة بمختلف رتبهم إلى المنتخبين وصولا إلى الأعيان الذين وضعوا مصالحهم الشخصية قبل العامة.
نجد من بين المناضلين الشرفاء "مجموعة أرامل ومطلقات وعائلات فقيرة" المنضوية تحت لواء "معتصم الصمود" من أمام مقر جهة كليميم-السمارة.
ما تراه العين:
نرى امرأة توفي زوجها، وأخرى مطلقة ، وكما نعلم جميعا أن غالبية الرجال هم من ينفق ويتحمل أعباء الحياة في غالبية الأسر الصحراوية ، ومع فقدان هذا المعيل تصبح الحالة صعبة ، وقد تكون الأرملة أو المطلقة ذات أولاد صغار مما يزيد العناء خاصة أمام المتطلبات التي أصبحت تقتضيها الحياة المعاصرة الشيء الذي يقتضي توفر مدخول قار
وفي ظل حالة الفقر المنتشر بالإقليم و الذي تعيشه هذه المجموعة حيث من مكوناتها أشخاص طريحي المرض، ونساء يعانون من أمراض شتى تستوجب توفير مبالغ مالية تضايق جيوب الميسورين فبالأحرى طبقة ضاقت بها قلة الحيلة. ستقولون لما لم يبحثوا عن شغل؟لما...؟ولما...؟ أقول لكم إن مجتمعنا مجتمع مستغل، فالاشتغال بمبالغ زهيدة في أعمال شاقة تكون له تبعات مرضية مستقبلية مكلفة أكثر مما أتت به من نفع أيام الصحة.
فكانت وسيلتهم لإظهار حاجتهم هي الاحتجاج السلمي، ودق باب الوالي بصفته المسؤول الأول من داخل المدشر.
الحد الأدنى من الحقوق:
طرقت هذه الفئة أبواب الوالي آملين في الحصول على حقوقهم ، والتي تتلخص في الاستفادة من بطائق الانعاش الوطني، ملف كبير يعد مرتعا للفساد واقتصاد الريع يكتنفه الكثير من الغموض من حيث العدد المتاح للولاية التصرف فيه؟ ومن المستفيد؟
أقول إن المستفيدين هناك من يستحق والبعض الاخر ينطبق عليه المثل القائل: "اللي جداتو فالمعروف ما يزمك" حيث تجد طبقة من الأثرياء وصناع القرار بالمنطقة هم أكبر المستفيدين (اللهم ارزقنا القناعة ولا تجعل الدنيا أكبر همنا). والأحرى به أن يكون صرف هذه البطائق للفئات التي تعاني ويلات الفقر.
ويتجلى المطلب الثاني في المطالبة بالتشغيل شرط توفير الحد الأدنى للأجر وهو مطلب عادل لامراء فيه ، حتى لا يكون هناك استغلال للوضعية وحاجة هؤولاء النسوة التي تعيل كل واحدة منهن عائلة بأسرها.
تعد هذه المطالب سهلة الاستجابة لها ويمكن تنفيذها وسيتوقف المحتجون بمجرد تحقيقها . لكن يبدو أن خيار القمع هو المسيطر على ذهن المسؤول الأول من داخل الاقليم ، حيث جيش المدينة وعسكرها في محاولة لإقبار هذا الاحتجاج الشرعي ، آلة القمع انهالت بعصيها على النسوة ، اضافة إلى الكلام النابي من اليوم الأول إلى يومنا هذا بالشارع العام
انها لمهانة أن تضرب النسوة وتسمعهن ما لايليق حيث:
يمشي الفقير يئن من آلامه
ليلا وليلك ضاحك مسرور
ماذا عساه يطعم أولاده
والمال العام ضائع منثور
ما يمليه الضمير:
يستوقفنا حديث لرسول الله (ص) حيث قال:"اللهم أحييني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة " فقالت عائشة: "لم يا رسول الله؟ "قال: "إنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفا يا عائشة، لاتردي المسكين ولو بشق ثمرة، يا عائشة أحبي المساكين وقربيهم، يقربك الله يوم القيامة".
نعم سيدي المسؤول هذه شيم العظماء ، حيث كانت الأمة قوية بضعيفها والآن ضعفت بقويها، لأن الله لايضيع أجر من أحسن عملا. فأجل خلق الله – صلى الله عليه و سلم - كان يتفقد ضعاف المسلمين من الفقراء والمساكين والأرامل ويجالسهم ويدنيهم إليه ، ويحادثهم ويسأل عنهم ويصلهم بما يستطيعه من الإطعام وجمع النفقات.
هكذا ينبغي أن يكون المسؤول ، هذه هي صفات الراعي الحق ، فبدل محاباة ذوي الشأن يجب توفير حاجيات فئة مهمشة أقصتها الدولة و تراهن عليهم في انتخاباتها ، وكأنها حقهم الوحيد في المواطنة متناسية حق العيش بكرامة ، هذه الطبقة هي الأحق ببطائق الانعاش الوطني و الاستفادة من تغطية صحية مجانية.
ونختم بمتمنياتنا لليوم الذي يصل فيه مسؤول ينطبق عليه هذا البيت الشعري
وأبيض يستقى الغمام بوجهه ** ربيع اليتامى عصمة للأرامل