عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية
أ ف ب - دمشق
انسحبت قوات النظام السوري من أحد آخر ثلاثة مواقع لها في محافظة الرقة في شمال سوريا، معقل «الدولة الإسلامية»، بعد أن تكبدت خسائر فادحة في صفوفها على يد التنظيم المتطرف الذي يمضي قدماً في ممارسات القتل والتنكيل.
في الوقت نفسه، رأى رئيس اللجنة الدولية المكلفة التحقيق في الحوادث التي يمكن أن تدرج في إطار جرائم الحرب في سوريا، وجوب إدراج تنظيم «الدولة الإسلامية» على اللائحة السوداء للجنة.
ميدانياً، انسحبت عناصر قوات النظام من مقر الفرقة 17، القاعدة العسكرية الكبيرة، بشكل كامل، الجمعة. وخسر النظام بذلك واحداً من ثلاثة مواقع يتواجد فيها في محافظة الرقة الواقعة بكاملها تحت سيطرة «الدولة الإسلامية». والموقعان المتبقيان حالياً هما مقر اللواء 93 والمطار العسكري في مدينة الطبقة في غرب المحافظة.
وبث مؤيدون لتنظيم «الدولة الإسلامية» على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أشرطة فيديو من داخل الفرقة، بعد تحريرها». إلا أن المرصد أشار إلى أن مقاتلي التنظيم المتطرف لم يتمركزوا داخل المقر «خشية إقدام النظام على شن غارات جوية» عليه.
وتم ذلك بعد هجوم مباغت شنه مقاتلو "الدولة الإسلامية" الخميس بدأ بهجومين انتحاريين تسببا بقتل 19 جندياً، تلتهما اشتباكات قتل فيها 16 جندياً. ثم أقدم عناصر التنظيم على أسر أكثر من خمسين جندياً خلال محاولتهم الانسحاب في اتجاه مقر اللواء 93 المجاور، وقتلهم ذبحاً.
كما قتل في المعارك التي رافقت الهجوم وعمليات القصف والغارات التي نفذها النظام 28 مقاتلاً من «الدولة الإسلامية»، بينهم الانتحاريان، بحسب المرصد.
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن: إن "مئات العناصر من قوات النظام انسحبوا الجمعة إلى أماكن آمنة أو نحو اللواء 93 المجاور"، مشيراً إلى أن "مصير نحو 200 عنصر لا يزال مجهولاً".
وذكر أنه "تم قطع رؤوس عشرات من جنود وضباط النظام وتم عرض جثثهم على أرصفة الشوارع في مدينة الرقة".
ووزع المرصد صوراً لرؤوس الجثث المنكل بها، وقد رفع بعضها على عصي.
وبث حساب "ولاية الرقة" التابع للتنظيم على موقع "تويتر" صوراً مروعة عن جثث جنود "الجيش النصيري بعد أن قطعت رؤوسها على أيدي أسود الدولة الإسلامية"، بحسب التعليق.
في المقابل، لزم الإعلام الرسمي السوري الصمت التام حول كل أحداث الرقة.
في محافظة حلب (شمال)، أفاد المرصد، السبت، عن مقتل "ما لا يقل عن ثلاثين عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، إثر كمين نصبته لهم الدولة الإسلامية بين قريتي المقبلة والرحمانية في ريف حلب الشرقي عند منتصف ليل الجمعة - السبت أعقبتها اشتباكات بين الطرفين في محيط قرى طعانة والرحمانية واعبد والمقبلة" الواقعة شرق وشمال شرق مدينة حلب. ويسيطر تنظيم "الدولة الإسلامية" على أجزاء واسعة من ريف حلب الشمالي الشرقي.
وكان تنظيم "داعش" بدأ هجمات متزامنة على مواقع لقوات النظام في ريف الرقة وريف حلب وريف الحسكة (شمال شرق) الخميس.
وهي المواجهات الأولى بهذا الحجم بين "الدولة الإسلامية" والنظام اللذين لم تفد التقارير عن معارك بينهما منذ بدء النزاع.
لكن عبد الرحمن يشير إلى رغبة لدى التنظيم بـ"تنظيف" المناطق التي يسيطر عليها من جيوب النظام أو فصائل المعارضة.
ويرى أن عرض الجثث والرؤوس في مدينة الرقة هو "لتخويف كل من يفكر بمعارضة التنظيم، وهو رسالة إلى الناس الموجودين هناك حول مدى قوته".
ويقول عبد الرحمن: إن "هدف الدولة الإسلامية ليس إسقاط نظام الأسد بل توسيع سيطرتها"، مضيفاً: إن التنظيم "بدأ بمحارية النظام، حيث هو ضعيف".
ويقرن أصحاب حسابات "تويتر" المنتمين أو المؤيدين لـ"الدولة الإسلامية" تعليقاتهم بهاشتاغ #الدولة
الإسلاميةباقية_وتتمدد.
في الأمم المتحدة، أعلن رئيس لجنة التحقيق الدولية المكلفة التحقيق في جرائم حرب محتملة في سوريا باولو بينيرو الجمعة أن تنظيم "الدولة الاسلامية" قد يدرج على اللائحة السوداء للجنة.
وأضاف: إن اللائحة السوداء السرية تتضمن اسماء قادة عسكريين في القوات الحكومية وفي الجماعات المسلحة المعارضة له، إضافة إلى المسؤولين عن المطارات التي تقلع منها الطائرات التي تشن غارات على أهداف مدنية. ويشتبه بأن هؤلاء ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ويتم توثيق اسمائهم لتسهيل محاكمتهم لاحقاً.
وزادت المواجهة المستجدة بين النظام و"الدولة الإسلامية" من تشعب النزاع الذي تسبب حتى اليوم بمقتل أكثر من 170 ألف شخص، وقد تزامن معه فتح جبهة تراجعت حدتها سريعاً بين "جبهة النصرة" وحلفائها ضد النظام بين الكتائب المقاتلة.
وبالتالي، يمكن رسم خريطة الجبهات في سوريا حالياً، على الشكل التالي: تقاتل كتائب المعارضة المتعددة الولاءات والانتماءات، كلا من النظام و"الدولة الإسلامية" و"النصرة". بينما تقاتل "الدولة الإسلامية" كلا من النظام و"النصرة" وكتائب المعارضة والمقاتلين الأكراد الساعين إلى التفرد في إدارة مناطقهم في شمال سوريا إجمالاً.
على جبهة النظام ومجموعات المعارضة المسلحة، أفاد المرصد عن "مقتل 15 مواطناً بينهم ستة أطفال وثلاث نساء، في قصف من مواقع الكتائب المقاتلة بقذائف صاروخية على أحياء خاضعة لسيطرة قوات النظام في مدينة حلب، الجمعة. في المقابل، قتل سبعة أشخاص في المناطق الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في حلب في غارات جوية نفذتها طائرات النظام.