الجنرال خليفة حفتر
علي البلوي 2014/05/23 - 03:05:00
عاتبتنا شخصية إسلامية كبيرة ذات يوم، وذلك عقب أحداث ما يسمى بالربيع العربي، كان وجه العتب انا كتبنا ذات يوم تحليلا بعنوان «الثورة يشعلها المجانين ويقودها العقلاء ويقطف ثمارها الانتهازيون»، وقلنا كيف جاءت تصريحات قياديين كبار في حزب الاخوان المسلمين مؤكدين أن ليس لديهم رغبة بالسلطة، وانهم يتطلعون للمشاركة البرلمانية، دون استحواذ واقصاء وتهميش، كانت تلك رؤيتهم الحقيقية، قبل أن تضحك عليهم وبدهاء السفيرة الأمريكية في القاهرة آنذاك آن باترسون ، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي حاليا، اقنعتهم بأنها فرصة وعليهم اقتناصها، وكانت على اجتماع دائم بمكتب الارشاد، لدرجة ظن البعض أنها دبلوماسية قد تتحجب، وقد تصبح كالسفير الأمريكي في السودان الذي حسن اسلامه على يد الاخوان
لكن باترسون كانت خبيرة في باكستان وكانت تضرب الاسلاميين بالعسكر، وتقارير الأمم المتحدة وتحقيقاتها بشأن اغتيال بناظير بوتو تشير بشبهة القتل والاستهداف المرتب مسبقا، حيث كشفت الحقائق والوثائق ان باترسون زارت بناظير بوتو في منزلها قبل أسبوع من اغتيالها، وان بوتو طلبت من باترسون التدخل لمضاعفة الحماية لها، لكن باترسون رفضت ذلك، وعن سبب عدم استجابتها لمطالب بناظير وان كلف ذلك ثمن حياتها، قالت باترسون إن ذلك لايشكل لي أي عائق أو شعور بالذنب.
الحزب والدولةكنا قد أكدنا ان الاخوان لم يكن لهم بالثورة شيء، وأن أكبر طموحاتهم كانت بحدود البرلمان ووزارات محددة كالتربية والاعلام والثقافة، لكنهم اكتشفوا ان الغرب في ورطة وانهم البديل المناسب، عندها اعتقدوا انهم خيارا اضطراريا، وان عليهم الاستيلاء على الحكم وعلى مفاصل الدولة، لا بل والانقلاب على الدولة، والتأسيس لفكرة الثورة والحزب والتنظيم العسكري المسلح، ولم يجدوا بدا من طرق ابواب ايران، والأخذ بالتجربة الايرانية، وفاوضوا اسرائيل سرا وعلانية، واتفقوا على حرب غزة مسبقا مع دولة خليجية، ليكون النصر حليف حماس هذه المرة، وليجري توقيع اتفاق هدنة مدته عشرون عاما، يقابلها اتفاق سري على تأجير سيناء خمسة وعشرين عاما بثمانية مليارات، وكانت تصريحاتهم تؤكد ان الجيش فشل في صناعة الأمن في سيناء لغياب التنمية، وانهم بصدد حل مشكلاتها نهائيا، لكن عندما لفظهم الشارع وتدخل الجيش المصري، بعد معلومات عن اتصالهم بمجموعات ارهابية تساعدهم دول اقليمية، امتلأت سيناء بشياطين الارهاب وفتحت لهم كل صنابير الدعم المالي والعسكري لدرجة أن بعضهم حملته الطائرات جوا إلى العريش ومنها إلى سيناء، فكانت الثورة الثانية ، ثورة 30 يونيو لتعديل المسار نحو وجهته الحقيقية، ولتؤكد مصر انها ترفض الوصاية من أي أحد ولو كانت بعباءة مصرية.
طارد الاشباحبالامس أعاد اللواء خليفة بلقاسم حفتر المسار الليبي إلى عافيته قبل أن تنطلق وتدب الفوضى والحرب الأهلية في ليبيا، حيث الصراع بين الاخوان وجماعاتهم، حيث نظريتهم في تجميع مصادر القوة المضادة لتكون ليبيا تحت سيطرتهم أو الفوضى والهلاك، ولهذا عبثوا بأمن ليبيا ومنحوا كل متطرف قدم إلى ليبيا الجنسية الليبية وجواز سفر، لأنهم بحاجة لقنابل مفخخة، وعمدوا إلى استغلال الوضع الليبي للتأسيس لقوة شبه عسكرية، لتعريض أمن مصر للخطر، انتقاما من ثورة 30 يونيو التي اطاحت بحكمهم بعدما تنكروا للناس، وبعد انكشاف خديعتهم.
أعاد اللواء خليفة بلقاسم حفتر المسار الليبي إلى عافيته قبل أن تنطلق وتدب الفوضى والحرب الأهلية في ليبيا، حيث الصراع بين الاخوان وجماعاتهم، حيث نظريتهم في تجميع مصادر القوة المضادة لتكون ليبيا تحت سيطرتهم أو الفوضى والهلاك، ولهذا عبثوا بأمن ليبيا ومنحوا كل متطرف قدم إلى ليبيا الجنسية الليبية وجواز سفر، لأنهم بحاجة لقنابل مفخخة، وعمدوا الى استغلال الوضع الليبي للتأسيس لقوة شبه عسكرية، لتعريض أمن مصر للخطر، انتقاما من ثورة 30 يوليو.
قائد محترفخليفة حفتر اسم لقائد عسكري ليبي محترف، تعلم الاحتراف في باكستان والاتحاد السوفيتي وفرنسا وأمريكا، كان قائدا للقوات الليبية التي دافعت عن شريط وقطاع اوزو مع تشاد، وبعد ان اكتشفت القوات الليبية ان القذافي يتفاوض سرا في باريس على شريط اوزو، وانه عمد الى تقليص عوامل الدعم والاستمرار لهذه القوات لدرجة اصبحت بلا امكانات، تم اسر عدد كبير من قيادتها، لان القذافي كان لا يرغب بعودتهم الى ليبيا، ولان ذلك يعني له ان ثمة استحقاقات جديدة تنتظره وهو في غنى عنها، خاصة وانهم رفضوا ما توصل اليه القذافي مع تشاد من اتفاق، الا ان الانقلاب على الرئيس التشادي بالدعم الليبي، كان يعني نهاية حفتر لولا التدخل الامريكي الفرنسي الذي تم على اثره نقل أكثر من 1500 جندي ليبي الى زائير وبعضهم سافر الى امريكا.
وحفتر ليس شخصية عسكرية طارئة، بل انه من الضباط الذين شاركوا في الانقلاب العسكري الذي جاء بالقذافي الى الحكم عام 1969، وأصبح عضوا في مجلس قيادة الثورة الذي انبثق عن ذلك الانقلاب، وذلك حسب ما يؤكده مركز دراسات جيمس تاون الامريكي، الا ان الخلاف مع القذافي بدأ مع نهاية السبعينيات وكانت ذروته في عام 1986.
الخلاف مع العقيدونتيجة لهذا الخلاف وفي أواخر عام 1987، قرر العقيد الركن انذاك خليفة حفتر ومجموعة من الضباط وضباط صف وجنود ومجندين الإنخراط في صفوف الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المعارضة التي أعلنت في 21 يونيو 1988 عن إنشاء «الجيش الوطني الليبي» كجناح عسكري تابع لها تحت قيادة العقيد الركن خليفة حفتر. بلغ عدد الذين انخرطوا في هذا «الجيش» قرابة الألفين، بينما رفض من بقي من الأسرى الليبيين في تشاد الانضمام لهم، وكان من بين من رفضوا العقيد سحبان والرائد شرف الدين، اللذان آثرا البقاء في السجن على أمل أن تكون هناك مبادلة للسجناء بين طرفي الصراع.
وتشير بعض المصادر الليبية الى ان اللواء حفتر قد اختلف مع توجهات العقيد القذافي، وبخاصة الانفتاح على التنظيمات الاسلامية المقاتلة، وتحديدا اعضاء تنظيم القاعدة، حيث اجرى العقيد صفقة معهم اخرج بموجبها العديد منهم من السجون الليبية شريطة عدم التعرض لنظامه أو العمل داخل ليبيا والاتفاق على الدعم والتعاون في القضايا الخارجية، وقد كان لذلك الاتفاق انتعاشا للتيار الديني الليبي، استغله الاخوان المسلمين، واعتبروه علامة ضعف، إلا أن القذافي كان لا يأمن جانب الاخوان وبينه وبينهم حالة من الجفاء والعداء الشديدة، وكان خنفر يرى ان لعبة القذافي هي الانفتاح على مجانين الارض من تنظيمات متطرفة وثورية للقيام باعمال ارهابية لصالحه، حيث اطلق القذافي أكثر من 800 معتقل اسلامي بينهم أكثر من 350 من العائدين من افغانستان، وكان حفتر يتوقع ان ينقلب الاسلاميون على القذافي وان يطيحوا به في أي لحظة.
في العام 2011 عاد حفتر الى ليبيا بعد 20 عاما امضاها في امريكا، ولان له حضوره العسكري في صفوف وحدات الجيش الليبي ولدى العديد من العائلات الليبية وبخاصة القبائل الليبية، فقد توقعت مصادر عديدة أن يكون له دوره الوطني، وبهذا الصدد يقول ديريك فلود في تقرير اعده لمعهد جيمس تاون عن الوضع في ليبيا بان اللواء حفتر الذي عاد الى ساحة المعارك في شمال افريقيا، بهدف الإطاحة بنظام العقيد القذافي، يعتبر أحسن من يستطيع التنسيق مع الولايات المتحدة وقوات حلف شمال الاطلسي من اجل السيطرة على المتمردين الذين يغلب عليهم طابع الفوضى.
تطهير ليبيا تصريحات حفتر واضحة وعنوانه الكبير جئت لتطهير ليبيا من الاخوان وتنظيم القاعدة، ولم يطل اعلانه معركة الكرامة الليبية، حتى اقبلت عليه القبائل من كل حدب وصوب داعمة له رغم خلافاتها، واقبلت عليه قيادات الجيش الليبي بجميع وحداته البحرية والجوية والصاعقة، وأصبح حفتر بتدخله هذا شبيها بتدخل الجيش المصري وقائده انذاك المشير عبد الفتاح السيسي، لانقاذ الثورة والدولة.
فالهدف من عملية الكرامة التي تشنها قوات حفتر هو تطهير ليبيا من المتطرفين وجماعة الإخوان المسلمين، متوعداً تقديم كبار مسؤولي البرلمان والحكومة وجماعة الإخوان للمحاكمة في حال اعتقالهم بتهمة ارتكاب جرائم ضد الشعب الليبي خلال فترة توليهم السلطة، مؤكدا تمتعه بتأييد قطاعات كبيرة في الجيش الليبي، معتبراً «الطريقة التي قاد بها المؤتمر الوطني البلاد، قد أدت إلى دخوله في نفق مظلم، معتبرا تطهير ليبيا من الظلاميين والتكفيريين واجبا وطنيا.
الاجماع الوطنيلم يطل المطاف بأجهزة الدولة الليبية، وزارة الدفاع والداخلية والشؤون الدولية، يعلنان دعمهما لعملية الكرامة التي يقودها اللواء حفتر، لا بل ان رئيس الوزراء الليبي السابق علي زيدان قد اعلن عبر فضائية ليبيا حرة دعمه لما يقوم به اللواء حفتر متهما الاخوان المسلمين بانهم ساعون لخراب ليبيا سعيا للحصول على السلطة. كما أعلنت الأجهزة الأمنية بالجيش والوحدات العسكرية والقبائل في أجدابيا بشرق ليبيا دعمها للعملية العسكرية التي يقودها اللواء حفتر. وطالب موقعو بيان الدعم من قيادة عملية الكرامة تحديد برنامج زمني للعملية حتى يتم إنهاء عمل البرلمان الوطني.
حاولت مؤسسة الدعاية الاخوانية تشويه صورة اللواء خليفة حفتر متهمة اياه بانه انقلابي، وانه يشابه ما قام به المشير عبدالفتاح السيسي في مصر، كما انها تغمز في قناة علاقاته الدولية وبخاصة مع الولايات المتحدة وفرنسا، في وقت نفت وزارة الخارجية الامريكية وجود اي اتصالات معه، رغم ان واشنطن مهتمة بالوضع الليبي، ونقل العديد من مواطنيها بفعل اشتداد الازمة مؤخرا.
ماذا بعد؟ترى هل فعلا ليبيا وبعد الفوضى وعوامل التقسيم الواضحة، وبعد استدعاء المتطرفين من كل مكان، ومنحهم الجنسية الليبية، هل بقي مكان للديمقراطية في ليبيا، وأي ديمقراطية التي تحتكم الى قوة السلاح والى القبيلة والمناطقية، والتراجع عن مكانة ودور الدولة لصالح اقامة الدولة الاسلامية، وهل اقامة الدولة الاسلامية تعني الهدم والقتل والفوضى، وفرض الوصاية على الناس باسم الدين
جندي يقف مع سلاحه أمام ناد رياضي قبيل مؤتمر صحفي لحفتر