جندي مصري على مدرعة في احتفال بميدان التحرير عقب إعلان فوز السيسي
الوعي العربي خير ضمانة لإفشال المؤامرات الخارجيةالعزب الطيب الطاهر - القاهرة 2014/06/06 - 03:00:00
مع صعود المشير عبدالفتاح السيسى الى المنصب الرفيع المقام فى مصر بعد فوزه بأغلبية كاسحة فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة ستشهد علاقات المحروسة بمحيطها العربى زمنا مغايرا وحقبا مختلفة تعيد العافية لأهم دائرة فى دوائر السياسة الخارجية وهي الدائرة العربية التي حددها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى كتابه فلسفة الثورة.ووفقا لخبراء ومفكرين عرب فإن المحروسة - بعد انتخاب السيسى رئيسا لها - ستعود بقوة الى الخريطة العربية. "اليوم" حاورت اثنين من أهم خبراء ومفكرى منطقة الخليج وهما الدكتور عبدالعزيز بن عثمان بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث والدكتور عمر الحسن رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية والسياسية. وفيما يلي حصيلة الحوارين :
عودة مصر بداية سألت د. عبدالعزيز بن عثمان بن صقر: هل تتوقع أن يسفر وصول السيسي الى سدة الحكم فى مصر عبر الآليات الديمقراطية عن عودة قوية لمصر إلى محيطها العربي والإقليمي؟ وما تصورك لطبيعة ومحددات هذه العودة وتأثيرها على تعزيز التضامن العربي ؟ وما دور الدول العربية خاصة الخليجية في تدعيم الدور المصري عربيا؟
أجاب قائلا : من الطبيعي أن تعود مصر إلى دورها الطبيعي في محيطيها العربي والإقليمي بعد استقرارها السياسي والأمني والاقتصادي الذي نأمل أن يتحقق قريباً بعد أن انتخب الشعب المصري وبأغلبية ساحقة الرئيس عبدالفتاح السيسي, وهذا الاختيار بهذا الاجماع يؤكد الرغبة القوية للشعب المصري في الاستقرار والتنمية بعد أكثر من ثلاث سنوات من عدم الاستقرار, وجميع الدول العربية تنتظر استقرار مصر وعودتها إلى دورها الرائد مع شقيقاتها، لأن استقرار مصر يعني استقرار المنطقة برمتها وهذا ما أكدته السنوات الثلاث الماضية.
كما أن الدول العربية ومن بينها المملكة العربية السعودية تدعم استقرار مصر وتحترم إرادة شعبها واختياراته وهي دائما تنحاز إلى رغبة الشعب المصري المستنير القادر على اختيار الطريق الصحيح, لذلك لم تتأخر المملكة قيادة وشعباً عن دعم إرادة الشعب المصري على مدى التاريخ وهذا ما تجلي خلال السنوات الأخيرة. وفيما يتعلق بمحددات العودة وتأثيرها على التضامن العربي فإن مصر القوية المستقرة - الكلام للدكتور عبدالعزيز - تعزز العمل العربي المشترك من خلال دورها المحوري وبالتنسيق والتعاون مع الدول العربية الفاعلة والمؤثرة, فهى على الدوام تمثل ركيزة مهمة لاستقرار المنطقة وعامل توازن استراتيجي مهم.
كما أن مصر دولة ليست توسعية ولا أطماع لها في المنطقة, ولا تتدخل في شئون الأخرين, وهذه السياسة نفسها تلتزم بها المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج, فالهدف الرئيسي لهذه الدول تجنيب المنطقة ويلات الصراعات والتدخل في شئون الآخرين والسماح للآخرين بالتدخل في شئونها.
الدعم الخليجيأما عن دور الدول العربية خاصة الخليجية في دعم الدور المصري, يلفت محدثنا الى أن دول مجلس التعاون الخليجي, أثبتت وأكدت ذلك دوماً منذ ثورة 30 يونيو وهي تعلن وتعمل على دعم مصر لتتجاوز الظروف الراهنة بكل السبل فالتنسيق الخليجي - المصري مستمر. وسوف يتطور ويتنامى على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني, لأن دول الخليج ومصر تواجه تحديات مشتركة ومصير مشترك, ولا بد من التعاون الفاعل والمثمر بين الجانبين وفي جميع المجالات، ناهيك عن القرب الجغرافي وصلات المصاهرة والعلاقات التاريخيةوالاستراتيجية.
ركيزة وسند للأمة وعما إذا كان يرى أن وجود السيسي على رأس السلطة في مصر يعكس بداية تحالف جديد في المنطقة بين مصروالسعودية والإمارات والكويت والبحرين ينبه الدكتور عبدالعزيز الى أن مصر المستقرة القوية هي دائماً ركيزة وسند للأمة العربية ولدول الخليج.
والتاريخ يؤكد ذلك فجميع الدول العربية تعرف أهمية الدور المصري في حفظ الاستقرار ومساندة قضايا الأمة العربية العادلة ومن بين هذه القضايا قضية الأمن العربي في منطقة الخليج, خاصة أن هذه المنطقة حساسة ومهمة للعالم ولمصر تجربة مهمة في تحرير دولة الكويت من الغزو العراقي عام 1990م.
ودول الخليج لن تنسى الدعم المصري لتحرير الكويت, وأعتقد أن وجود قيادة في مصر لها دراية كبيرة بالأمن القومي العربي وتحدياته ممثله في الرئيس عبدالفتاح السيسي في هذه المرحلة سوف يحقق العديد من المكاسب لمصر ولدول الخليج, وتصريحاته التي أدلى بها بشأن الأمن في الخليج تجسد رؤيته الاستراتيجية المهمة, وتؤكد مدى وعيه وإدراكه التحديات التي تواجه دول المنطقة وهذا يدعم الاستقرار لكافة الدول العربية ودول الخليج بالطبع.
وسألت رئيس مركز الخليج للأبحاث : إلى أي مدى تعتقد أن مصر في ظل رئاسة السيسي ستكون قادرة على إجهاض ما يسمى الشرق الأوسط الكبير الذى روجت له الإدارة الأمريكية وسعت إلى تطبيقه في المنطقة على نحو يحقق مصالحها من خلال التحالف مع تيار الاسلام السياسي خاصة جماعة الإخوان المسلمون ؟
فعلق بقوله : أعتقد أن وعي الشعب المصري , ووعي شعوب الدول العربية عامة ودول الخليج خاصة, خير ضمانة لإفشال المؤامرات الخارجية, وهذا الوعي هو خير سند لزعماء دول المنطقة في التصدي للمؤامرات الخارجية ومنها المؤامرة الكبرى التي أُطلق عليها الشرق الأوسط الكبير الذي هدف الى إطلاق يد إسرائيل وإيران في المنطقة وهذا ما نراه اليوم في العراق وسوريا واليمن وغيرها من الدول العربية التي تعرضت للأحداث الأخيرة المعروفة إعلامياً باسم الربيع العربي. وأعتقد أن مصر في ظل قيادة الرئيس السيسي ستكون لديها قدرة كبيرة على التصدي لهذه المؤامرة وإفشالها وعدم تمريرها, فللرئيس السيسي تاريخ ناصع في المؤسسة العسكرية المصرية صاحبة التاريخ المشرف.
كما سألته : هل يمكن لمصر في ظل قيادتها الجديدة استعادة وضعية الدولة المركز في الإقليم العربي؟ وهل باتت هذه الوضعية مطلوبة؟ وهل يمكن أن تقدم نموذجا للخروج من حالة الاحتقان التي تواجهها دول الربيع العربي ؟
أجاب موضحا : من الطبيعي أن دور مصر مهم ومؤثر ودورها لن يستطيع أن يضطلع به غيرها, وهذا ما أكدت عليه القيادة السعودية مراراً , وبالتأكيد فان نجاح التحول السلمي في مصر سيكون نموذجاً مهماً لبقية الدول العربية. فالمؤسسة العسكرية المصرية الوطنية قامت بحماية ثورة 30 يونيو.
كما قامت من قبل بحماية ثورة 25 يناير , وهذا مثال جيد للقوات المسلحة الوطنية التي تساند الشعوب ولا تكون عقبة في طريقها, إضافة إلى أن مصر تؤثر في محيطيها العربي والإفريقي منذ زمن بعيد من خلال القوة الناعمة التي تمتلكها وتتميز بها.
التوافق الوطنيوعندما سألت الدكتور عمر الحسن عن توقعاته للمرحلة المقبلة بين مصر ومحيطها العربي عبر عن أمله في أن يسفر انتخاب السيسي رئيسًا لمصر عن تعزيز دورها على المستويين العربي والإقليمي لتستعيد من خلاله دورها كدولة محورية في المنطقة بالتعاون مع القوى العربية الرئيسة، وأهمها المملكة العربية السعودية.
متوقعا عودة الدور المصري من خلال عاملين رئيسين، الأول: داخلي باحتواء مشاكل مصر الداخلية المتعددة التي ظهرت بعد ثورة 30 يونيو من خلال تحقيق التوافق الوطني بين كافة مكونات شعبها، وإعادة الأمن والاستقرار إليها، وضخ مزيد من الاستثمارات في اقتصادها لمواجهة المشاكل المتعددة التي تواجهها مثل البطالة والتعليم والصحة والسكن...إلخ.
وهنا يأتي العامل الثاني الخارجي: المتمثل في دعم ومساندة الدول الخليجية للاقتصاد المصري كي يخرج من أزمته الراهنة، ولتتمكن مصر من التركيز والاهتمام بملفات أخرى استراتيجية تم إهمالها في زمن الرئيس الأسبق "حسني مبارك" وابتعدت بسببها عن عمقها الاستراتيجي، ما ترتب عليه ظهور مشكلة سد النهضة.
إدراك مشترك ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أن وصول "السيسي" الى موقع رئيس الجمهورية يؤكد بروز تحالف جديد في المنطقة بين مصر والسعودية والإمارات والكويت والبحرين.
فيرى أن المسألة لا تتعلق ببروز تحالف جديد في المنطقة, بقدر ما تتعلق بوجود إدراك مشترك بين مصر من جهة والدول الخليجية من جهة أخرى بأهمية التعاون والتنسيق فيما بينها لمجابهة الأخطار والتهديدات المشتركة التي تواجهها، سواء كانت هذه التحديات نابعة من البيئة الإقليمية، مثل إيران. وقد سبق للسيسي أن قال: إن الأمن القومي المصري جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الخليجي، وأن طريق مصر إلى إيران يمر عبر دول مجلس التعاون، والأزمة السورية، وعدم تسوية القضية الفلسطينية، وتنامي أفكار التطرف والإرهاب، أو كانت نابعة من البيئة الدولية، لا سيما في ظل التقارب الأمريكي الإيراني، وتنامي النفوذ الروسي في المنطقة.
وفي حقيقة الأمر - يضيف محدثنا - أن ثمة إدراكًا من قبل دول الخليج العربية بأهمية دور كل من مصر والسعودية، كدولتين رائدتين إقليميًّا، في قيادة المنطقة العربية خلال المرحلة المقبلة، لا سيما في ظل ما تعرضت له المنطقة من اختراقات نتيجة ما أطلق عليه "الربيع العربي". وأيًّا ما كان الأمر، فإن وجود "السيسي" على رأس السلطة في مصر سيؤدي إلى تحقيق مزيد من التعاون السياسي والأمني والعسكري بين الجانبين، وما يدل على ذلك التدريبات المشتركة التي جرت مؤخرًا بين القوات المسلحة المصرية والإماراتية والبحرينية.
وكذلك إعلان "السيسي" أن مصر ستدافع عن دول الخليج العربية في حالة تعرض أي منها لتهديد، يؤكد الرؤية الاستراتيجية المصرية بأن الأمن القومي المصري لا يمكن أن ينفصل عن أمن دول الخليج.
مشروع الشرق الأوسط وسألته : إلى أي مدى تعتقد أن مصر في ظل رئاسة "السيسي" ستكون قادرة على إجهاض ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي روجت له الإدارة الأمريكية، وسعت إلى تطبيقه في المنطقة على نحو يحقق مصالحها من خلال التحالف مع تيار الإسلام السياسي خاصة جماعة الإخوان المسلمون؟
يقول الدكتور عمر الحسن : لا شك في أن مشروع الشرق الأوسط الكبير فشل في تحقيق أهداف مروجيه لجهة إخضاع المنطقة العربية والهيمنة على مقدراتها وشعوبها، ونأمل أن يكون انتخاب "السيسي" رئيسًا لمصر بمثابة إشارة قوية الى عودة التضامن العربي والتحرر من الهيمنة الأمريكية.
والشاهد على ذلك تأكيده أن علاقات مصر مع واشنطن ستبنى على التكافؤ لا التبعية أو العداء، وعلى احترام مصالح كل دولة وإدراك أن هناك مساحات اتفاق واختلاف بين البلدين، وهناك علاقة تاريخية وخصوصية مع أوروبا يمكن الاستفادة منها، وكذلك مع روسيا والصين.
وعما إذا كان يرى أنه سيكون بوسع مصر في ظل قيادتها الجديدة استعادة وضعية الدولة المركز في الإقليم العربي وهل باتت هذه الوضعية مطلوبة؟
وهل يمكن أن تقدم أنموذجًا للخروج من حالة الاحتقان التي تواجهها دول الربيع العربي؟
أكد الدكتور الحسن أنه بمقدور مصر - في ظل قيادتها الجديدة - استعادة دورها كدولة محورية تقود الوطن العربي إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والخروج من حالة التشرذم والانقسام التي يعاني منها إذا تمكنت قيادتها من تحقيق مصالحة وطنية تعيد كافة أطياف الشعب المصري إلى حضن الوطن، هذا على المستوى الداخلي. أما على المستوى الخارجي، فلا بد من وجود إيمان عربي - خليجي مشترك بأهمية استعادة مصر دورها.