سارة فراير 2014/03/06 - 03:00:00
مساهمو فيسبوك الذين دفعوا أسهم الشركة لتصل إلى مستوى قياسي بعد أن كشفت النقاب عن الصفقة للاستحواذ على واتس آب بقيمة 19 مليار دولار، يحسُن بهم أن يتذكروا أن كل عملية من عمليات الاستحواذ على إحدى شركات الإنترنت التي زادت قيمتها على 10 مليارات دولار، كان نصيبها الفشل.
وفقاً لبيانات جمعتها بلومبيرج، إن عملية استحواذ فيسبوك على واتس آب ستكون أكبر عملية استحواذ في مجال الإنترنت منذ أكثر من عشرة أعوام والخامسة فقط التي تتصدر قائمة ذلك السقف في أي وقت. وهذا يضعها في نفس فئة عملية اندماج أمريكا أون لاين مع تايم وارنر واستحواذ شركة تيرا نيتورك اس ايه على لايكوس، التي أدت لاحقاً لعمليات شطب الأصول بعدة مليارات الدولارات.
إن تاريخ صفقات الإنترنت الكبيرة يحتوي على الكثير من المشترين الذين دفعوا تقييمات أكبر من اللازم لاستهداف شركات أخرى، فقط ليروا قيمتها تختفي تماماً -علماً أن الفيسبوك منح الواتس آب «مضاعِفاً» مخصصاً فقط للشركات التي تعمل على تطوير العقارات التي تنقذ الأرواح. يراهن الرئيس التنفيذي للفيسبوك مارك زوكربيرج، الذي قال هذا الأسبوع إن الواتس آب يساوي أكثر بكثير من مبلغ الـ 19 مليار دولار الذي ينفقه، على أن الأمر مختلف هذه المرة. وحجته هي: أن الواتس آب سينمو أبعد من 450 مليون حساب تراسل فعّال، وهذا يبرر الاستثمار الذي قامت به خدمة شبكة التواصل الاجتماعي الأكبر في العالم.
يقول جاي ريتير، وهو أستاذ للعلوم المالية في جامعة فلوريدا: «يُظهر التاريخ أنه عندما تدفع 19 مليار دولار، هناك فرصة أنك دفعت مبلغاً زائداً مقداره 19 مليار دولار. حيث أن هناك الكثير من الأشياء التي يجب أن تنجح. وبالتأكيد هناك مرحلة تتعلق بالسعر بحيث أنه حتى لو نجحت تلك الأشياء، فلن يكون استثماراً جيداً».
يشعر كثير من المستثمرين والمحللين بأن الصفة جيدة، حيث إن سهم الفيسبوك سجل لفترة مستوى قياسياً في التعاملات اليومية بلغ 71.44 دولار هذا الأسبوع. وقال أشخاص مطلعون على المسألة إن فيسبوك تتداول بمعدل يصل إلى 55 مرة من الأرباح المتوقعة لهذا العام، مقارنة مع 23 ضعفاً لجوجل و14 ضعفاً لشركة مايكروسوفت، وكلاهما أيضاً أعربتا عن الاهتمام بشراء الواتس آب.
لا يوجد أحد من الـ 51 محللاً الذين تتابعهم بلومبيرج لديه تصنيف للمساهمين ينصحهم ببيع فيسبوك، على الرغم من أنه سيتم إصدار أسهم جديدة بقيمة 12 مليار دولار لتسديد ثمن الصفقة.
تأتي صفقة شراء الواتس آب، مقابل 19 ضعفاً من المبيعات المتوقعة، على اعتبار أن شركة التكنولوجيا تسببت بارتفاع مؤشر ناسداك المركب مرة أخرى إلى مستويات قريبة من حقبة الدوت كوم. فقد ارتفع المؤشر 38 بالمائة في الأشهر الـ 12 الماضية وأقل بنسبة 14 بالمائة عن مستواه القياسي الذي بلغ 5,048 نقطة في العاشر من آذار (مارس) 2000.
عملية الاستحواذ الأحدث التي قام بها فيسبوك تعتبر أكبر صفقة إنترنت منذ عملية اندماج تايم وارنر مع أمريكا أونلاين بقيمة 124 مليار دولار في ذروة فقاعة التكنولوجيا عام 2001. وبعد عامين، أدت إلى عمليات شطب للأصول بقيمة 45.5 مليار دولار عندما لم تتحقق مكاسب الإيرادات الواعدة والتوفير في التكاليف من الجمع بين وسائل الإعلام وأعمال الإنترنت في كلتا الشركتين.
في عام 2000، اشترت فيريساين شركة نيتورك سوليوشنز بقيمة 15.3 مليار دولار، سعياً للتوسع في مجال تسجيل المواقع الإلكترونية، وبعد ثلاثة أعوام قامت ببيعها مقابل حوالي 100 مليون دولار بسبب تعثُر النمو. واستولت تيرا نيتورك على بوابة الإنترنت لايكوس مقابل 13.8 مليار دولار ومن ثم باعتها بعد ذلك مقابل 95 مليون دولار. وقامت وحدة الإعلام في شركة الاتصالات الإيطالية بشراء Tin.it مقابل حوالي 30 مليار يورو في عام 2000، ثم أُعيدَ تقييمها بسعر 1.2 مليار دولار عندما قامت الشركة الأم بشرائها مرة أخرى.
قال نيراج آرورا، الذي يقوم بإدارة قسم تطوير الأعمال في الواتس آب، على موقع تويتر اليوم إن المقارنة تعتبر «حجة ساذجة». كما أضاف تغريدة على الموقع قائلاً «إن السعر وحده لا يمكن اعتباره مؤشر نجاح في عمليات الاندماج والاستحواذ. فكل صفقة مختلفة وفريدة من نوعها».
وقال ليكس فان دام، وهو مدير صندوق في هامبستيد كابيتال في لندن: «إنه ربما يمكن تبرير عملية الشراء هذه المُكلفة بشكل لا يصدق لأسباب استراتيجية حيث تعمل فيسبوك على إزالة منافس محتمل آخر حتى الآن».
قال زوكربيرج، الذي تفاوض على الصفقة مع الرئيس التنفيذي للواتس آب يان كوم في حوالي خمسة أيام، إن التطبيق يسير على الطريق الصحيح لينمو إلى مليار مستخدم -وهو حجم يعتقد أنه سيجعل الشبكة قيّمة بحد ذاتها. وقد أشار تاكر بوندز، المتحدث باسم فيسبوك، إلى تصريح زوكربيرج رداً على طلب للتعليق.
أما إيريك جاكسون، رئيس آيرونفايار كابيتال، قال: «من الواضح أن الثمن لم يُسمع به سابقاً، لكنها خطوة ذكية من زوكربيرج. واعتقد أنه عازم على شراء أي خدمة جديدة صغيرة لديها القدرة على إسقاط فيسبوك من موقعه في القمة. كما أن السوق تقوم بإعطائه سعراً كبيراً لسهم الشركة، لذلك فهو يقوم بصفقات الأسهم الكبيرة تلك».
قام سكوت كيسلر، وهو محلل في ستاندرد أند بورز كابيتال آي كيو، بمقارنة عملية استحواذ الواتس آب مع عملية شراء جوجل لليوتيوب أو عملية دمج شركة آيباي مع باي بال. وقال إن سعر الشراء قد يبدو كبيراً أكثر من اللازم في البداية ومن ثم يسهم في عملية التحول الأساسية للشركة. كما أنه لم يتم التوصل لحُكم على عملية استحواذ مايكروسوف بقيمة 8.5 مليار دولار على خدمة الاتصال عبر الإنترنت سكايب في عام 2011. وأضاف: ان السؤال المهم هو ما إذا كان الفيسبوك يقوم بشراء الواتسب آب وهو في ذروته، أو في مرحلة مبكرة من النمو.
مخاطر هذه الصفقة تتضمن احتمالية عدم نمو الأعمال بالقدر الذي يتوقعه زوكربيرج، أو ظهور تكنولوجيا أخرى تُهدد الشركة المندمجة.
وقال كيسلر: «من الصعب معرفة إلى أي مدى يمكن استدامة مسار نمو الواتس آب. من الصعب تماماً تقديم الدعم الحقيقي لالتزام بهذا القدر من رأس المال، وبذلك التقييم، دون وجود مستوى كبير من الثقة في احتمالات العمل طويلة الأجل».
قال الرئيس التنفيذي كوم في 24 شباط (فبراير): إن الواتس آب سيقوم بتقديم وظيفة الصوت في وقت لاحق من هذا العام، ما يجعله منتجاً أكثر جاذبية. كذلك يقوم الفيسبوك بطرح منتجات للهاتف الخلوي منفصلة عن تطبيقه الأساسي، مثل الفيسبوك ماسنجر وبيبر «الصحيفة»، وهو تطبيق لقراءة الأخبار.
يحتل الواتس آب ماسنجر المرتبة رقم 8 بين التطبيقات المجانية على متجر تطبيقات شركة أبل، في حين أن الماسنجر الخاص بالفيسبوك كان في المرتبة رقم 12. وفي متجر جوجل بلاي، حيث يقوم مستخدمو الهواتف الذكية العاملة بنظام تشغيل أندرويد بتنزيل البرامج، كان برنامج فيسبوك ماسنجر في المرتبة رقم 3 في حين أن الواتس آب تراجع إلى المرتبة رقم 11.
قال إيرنست عن صفقة الواتس آب: «إنه من المستحيل بالنسبة لي كمحلل مالي أن أجلس هناك وأقوم بتبرير الرقم. وربما لن يتمكنوا من تحويله لنقد أبداً. فالصفقة عبارة عن أخذ أحد الأصول المتضخمة وشراء أصول متضخمة أخرى. إنها مثل نقود لعبة المونوبولي، بدون قيمة».