أحمد الاسعد
مؤكدا في حوار مع أن النظام الإيراني شوّه صورة الشيعةصفاء قرة محمد ـ بيروت 2014/02/08 - 03:15:00
شدد المستشار العام لحزب "الانتماء اللبناني" أحمد الاسعد على ان "حزب الله لا يملك قرار الخروج من الحرب السورية"، كاشفاً عن ان "إسرائيل لا تخشى "حزب الله" كي تستغل وجوده في سوريا وتهاجم على الجنوب"، معتبراً ان "الانتصار الحقيقي على العدو يتجلى بالوصول الى تل ابيب أو القدس". وحمّل في حوار خاص لـ"اليوم" "النظام الايراني والحزب مسؤولية الشرخ الكبير بين الطائفة الشيعية والمجتمعين اللبناني والعربي"، موضحاً ان "النظام الايراني زوّر الحقيقة والتراث الشيعي، وشوّه صورة الطائفة الشيعية في المنطقة".
وشرح بأن "مشروع حزب "الانتماء اللبناني" اليوم هو نقل الطائفة الشيعية، من ثقافة الموت التي يتبناها "حزب الله" الى ثقافة الحياة عبر توعية أبناء الطائفة، وتعليمهم وكسر الحاجز بينهم وبين الطوائف الأخرى في لبنان".
واكد ان "مواقف "حزب الله" من المحكمة الدولية تدينه أكثر واكثر بالنسبة الى اغتيال الرئيس رفيق الحريري وغيره من الشهداء"، لافتاً الى ان "حزب الله" "مرتاح جداً لوجود التكفيريين، كي يجد حجة باستمرار تسلطه على الطائفة الشيعية وتخويفها".
وهنا نص الحوار:
تورط "حزب الله" في سوريا
بعد انغماس "حزب الله" في الحرب السورية كيف يمكنه الخروج من هذا المستنقع، وهل الأمر يتوقف على قرار منه؟
ـ القرار ليس عند "حزب الله" إنما لدى النظام الإيراني، فهو عندما يرى أن الأوامر التي أعطاها لـ"حزب الله" للدخول في الحرب السورية، لم يكن قراراً مناسباً عندها يراجع حساباته ويأمر الحزب بالانسحاب من الحرب السورية، وهذا الأمر الذي يجب ان يصل إليه النظام الايراني، فعليه أن يعلم أن دخول "حزب الله" في سوريا امر كلفه الكثير ولم يكن مربحاً.
لكن وزير خارجية ايران قال "حزب الله ذهب الى سوريا بقرار منه"، ما ردك؟
ـ كلام ظريف من ظريف. يحاول الايرانيون إيجاد حيثية لـ"حزب الله" من خلال القول ان هذا القرار نابع من قناعاته، فهذا الامر يناسبهم للمحافظة على ما تمكن من مصداقية الحزب، لكن الجميع يعلم أن الوضع تماماً مختلف، وبالعكس فلقد كان "حزب الله" مترددا في الدخول في سوريا، ولكن في مرحلة من المراحل ارسلت القيادة الايرانية وراء الامين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، وابلغته بضرورة دخوله الى سوريا لمساعدة نظام الأسد، بعد شعورهم أن الجيش النظامي يحتاج الى رفع معنويات. لذا لا يستطيع الايرانيون القول انهم من أعطوا الأوامر لـ"حزب الله"، لأنهم بذلك يبرهنون على عدم استقلالية الحزب وتبعيته المباشرة للقيادة الايرانية، لذا فلجأوا الى استخدام حجج ظريفة.
اسرائيل والجنوب
كيف تفسر عدم استغلال إسرائيل فرصة انشغال "حزب الله" في سوريا لتشن حرباً على الجنوب اللبناني، واذا حصل ذلك هل سيبدل الحزب أولوياته من سوريا الى الجنوب؟
ـ إسرائيل لا تخشى "حزب الله" كي تستغل وجوده في سوريا وتهاجم على الجنوب. الجميع يعلم أن إسرائيل في حرب تموز/ يوليو 2006 لم تصب بأضرار كبيرة، مقارنة مع الخسائر الاقتصادية التي حلت بلبنان. الانتصار الحقيقي بالوصول الى تل ابيب أو القدس. اما لناحية وجود الحزب في سوريا فإسرائيل فرحة لأجل ذلك.
ما مستقبل الطائفة الشيعية، بعدما أوجد "حزب الله" شرخاً كبيراً بينها وبين المجتمعين اللبناني والعربي؟
ـ ليس "حزب الله" المسؤول الوحيد عن هذا الشرخ، إنما يلعب النظام الايراني دوراً مهما في هذا الموضوع، فمنذ ان أتى الامام الخميني شوّه صورة الطائفة الشيعية وحوّل الثقافة الشيعية الى مفهوم آخر، حتى باتت نقيض حقيقية التاريخ الشيعي. التشيّع هو الاجتهاد والانفتاح وقبول الآخر والتنوع، الا ان هذه المفاهيم تبدلت حينما اتى النظام الايراني الذي زوّر الحقيقة والتراث الشيعي، وبالتالي شوّه صورة الطائفة الشيعية في المنطقة. للأسف هناك أناس كثر لم يستطيعوا التمييز بين شيعي غير تابع لـ"حزب الله" وشيعي آخر تابع له وللنظام الايراني، حتى باتت كل الشيعة في سلة واحدة. لم تكن هنالك مشكلة بين الطائفتين السنية والشيعية الا منذ قدوم الخميني الذي عمل على ايجاد هذا الشرخ بينهما، لذا الحساسية بين السنة والشيعة ليست بسبب الدين بل لوجود نظام في ايران يستغل هذه العصبية لتحقيق نفوذ واطماع في المنطقة.
التذمر من"حزب الله"
تكثر الأصوات الرافضة تصرفات "حزب الله" من داخل الطائفة الشيعية، الى أي مدى تساهمون في إنقاذ الطائفة من هيمنة الحزب عليها؟
ـ حزب "الانتماء اللبناني" وأنا أحمد الأسعد الوحيدون الذين نملك مشروعا بكل معنى الكلمة، ليس فقط لإنقاذ الطائفة الشيعية، بل لإنقاذ لبنان من "حزب الله الذي خطفه منذ سنوات. مشروعنا يقوم على تأهيل أجيال على ثقافة الحياة والعلم والمعرفة، لأن الحزب خلال 35 سنة رسخ في عقول أكثر من جيل ثقافة الموت وزرع في ذهنية شريحة كبيرة من أبناء الطائفة الشيعية هذه الأفكار التي تؤدي الى الموت، وكأنهم خلقوا لأجل الموت في سبيل قضية غير موجودة. ثقافة الحزب مستحدثة، ولهذا السبب قتلوا هاشم السلمان (التظاهرة أمام السفارة الايرانية)، لاننا حققنا خطوات كبيرة في هذا المجال وهاشم كان مسؤولا عن موضوع الشباب والطلاب. مشروعنا اليوم هو نقل الطائفة الشيعية من ثقافة الموت التي يتبناها "حزب الله" الى ثقافة الحياة، عبر توعية أبناء الطائفة وتعليمهم بأحسن الجامعات، وتنوير الطريق أمامهم وكسر الحاجز بينهم وبين الطوائف الأخرى في لبنان.
المحكمة الدولية
فيما يخص المحكمة الدولية، ماذا لو ثبت تورط المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري، كيف ستكون سلوكيات "حزب الله"؟
ـ يعتبر "حزب الله" المحكمة ليس موجودة ولا دعوة له بها ويستعمل الاسطوانه ذاتها انها "مؤامرة صهيونية"، فمن يثق ببراءته لا يتحدث بهذه الطريقة بل يواجه الجميع بثبات وقوة، مؤكداً عدم صدقية الاتهامات، لأن الحقيقة ستظهر في يوم من الأيام.
ونتذكر أمريكا في حرب العراق روجت لوجود اسلحة دمار شامل عند الرئيس صدام حسين، واقنعت العالم بهذا عبر نشر صور ودلائل، ومن ثم تبين للرأي العام انها كانت مجرد كذبة، وهذا يؤكد ان لا شيء يمكن اخفاؤه وقتاً طويلاً. لذا مواقف "حزب الله" اليوم تدينه أكثر واكثر بالنسبة الى اغتيال الرئيس ورفيق الحريري وغيره من الشهداء.
من يسعى الى الفتنة السنية ـ الشيعية في لبنان ومن تخدم؟
ـ التطرف من جهة يغذي التطرف من جهة أخرى، وهذا ما يخدم كل المتطرفين، ولا يخدم لبنان ومن يريدون الدولة اللبنانية ومستقبل هذا البلد. "حزب الله" مرتاح جداً لوجود التكفيريين كي يجد حجة باستمرار تسلطه على الطائفة الشيعية وتخويفها، كما ان التكفييرين مرتاحون لوجود "حزب الله"، لانه بوجوده لديهم حجة كي يقولوا انهم مضطرون لمواجهته. لذا لدى الاثنين مصلحة واحدة، ولن نستطيع الانتقال الى الدول الحديثة ان لم نملك الشجاعة كقيادات وانظمة لمواجهة المتطرفين. لم يعد مقبولا بعد اليوم شراؤهم واسكاتهم او تأجيل الموضوع، لأن هذا التأجيل يعني وجود قنبلة موقوتة ستنفجر يوماً ما، وعواقبها ستكون كبيرة جداً على المنطقة.
ولذا بات من الضروري مواجهة هذه الحركات، كي لا تصبح خطراً على كل المجتمعات العربية.
القرار ليس عند "حزب الله" إنما لدى النظام الإيراني، فهو عندما يرى أن الأوامر التي أعطاها لـ"حزب الله" للدخول في الحرب السورية، لم تكن قرارات مناسبة عندها يراجع حساباته ويأمر الحزب بالانسحاب من الحرب السورية، وهذا الأمر الذي يجب ان يصل إليه النظام الايراني، فعليه أن يعلم أن دخول "حزب الله" في سوريا امر كلفه الكثير ولم يكن مربحاًالتفجيرات المتنقلة
من تحمّل مسؤولية التفجيرات التي تقع في الضاحية الجنوبية والهرمل، وهل هي مترابطة مع تفجيري طرابلس واغتيال الوزير السابق محمد شطح؟
ـ لا اعتقد انها مترابطة، بل هي ردة فعل على قتال "حزب الله" الى جانب نظام بشار الاسد في سوريا بعد اعلانه ذلك منذ ما يقارب السنة. مما لا شك فيه ان التفجيرات التي تحصل ارهابية وتقتل اناسا ابرياء. ولكن ماذا كان يعتقد "حزب الله" ان بإمكانه القتال في سوريا بكل بساطة، ومن يقاتلهم لن يفكروا بكل الوسائل للانتقام منه، الى هذه الدرجة هو غبي!!. هذه ردة فعل طبيعة من أطراف داخل سوريا تنتقم من تورط "حزب الله" في الحرب السورية، واليوم اكثر من أي فترة ماضية يجب على الحزب مع النظام الايراني ان يفهما ان الحرب في سوريا كانت خطأ كبير جداً، ويجب مراجعة حساباتهما وعلى النظام الايراني القول للحزب انه يجب العودة الى لبنان، لانه طالما هو موجود هناك سيشهد لبنان المزيد من المتفجرات.
بماذا تخدم الحكومة الجامعة "حزب الله"، وما هو الحل لإنهاء الأزمة الحكومية؟
ـ الحكومة الجامعة تعطي مجالا كبيرا لـ"حزب الله" لكي يتبرأ من كل أغلاطه وتجاوزاته التي يقوم بها في لبنان. اليوم حكومة تصريف الاعمال هي حكومة بلون واحد أي "حزب الله"، بالتالي كل شيء يعاني منه المواطن اللبناني، وخاصة من الطائفة الشيعية يتحمل مسؤوليته الحزب، اما عندما يكون "حزب الله" جزءا من حكومة الوحدة الوطنية يتاح له مجال أكبر للمناورة، وهذا ما حصل في الحكومات السابقة ويرمي أخطاءه على الطرف الآخر، أي قوى 14 آذار، وهكذا لا يبقى موقفه محرجاً أمام قاعدته الشعبية. حكومة الوحدة الوطنية لا فائدة لها سوى إعطاء "حزب الله" مساحة أكبر للاستمرار في الحرب السورية، وتحقيق المزيد من التجاوزات التي أدت الى تردي الوضع الاقتصادي في لبنان، ما جعل المستثمرين يخشون القدوم الى لبنان.
سوريا الى أين!
متى ستستقر الأمور في السفينة السورية، ما الذي جعلها أرضاً محروقة شلالاً للدماء؟
ـ هو شخص اسمه بشار الأسد الذي لا يملك أي احترام للإنسان، فلقد استشهد مئات الألوف من الشعب السوري، واليوم سوريا هي منكوبة والنظام الأحادي ـ الديكتاتوري ـ الدموي يتحمل مسؤولية دمار سوريا، اضافة الى الرئيس الأمريكي باراك اوباما بسبب الادارة الامريكية السيئة والضعيفة تجاه السياسة الخارجية، والتي لم تدعم الثورة السورية التي كانت في بداياتها مدنية ـ سلمية ـ حضارية، الا ان العالم كله بقي متفرجاً ولم يحرك ساكناً، خصوصاً الولايات المتحدة الامريكية التي تدعي حمايتها حقوق الانسان وحرية الرأي، عليها ان تطبقه على واقع الارض الا انها لم تفعل ذلك كما هو حاصل في سوريا. بعد مرور ما يقارب الثمانية اشهر عن بداية الثورة السورية ايقن الثوار انهم وحدهم مما حوّل تحركهم الى حركات راديكالية. لا اعتقد أن شيئا سيتغير في الوضع السوري ومؤتمر جنيف 1و2 وحتى 3 كلام في الهواء، فلا بد أن يكون هنالك رابح أو خاسر ولكن لطالما لا يوجد خاسر ورابح، لن يقبل أي من الطرفين بتسوية سياسية.
ماذا عن محادثات
جنيف ـ 2؟
ـ ما شهدناه هو فشل سياسة الادارة الامريكية التي تريد القول للرأي العام العالمي، انها فعلت شيئاً لحل مشكلة سوريا وهي تعلم ان هذا لا يوصل الى نتيجة. لا امكانية لأي تغيير جذري في الواقع السوري، الا اذا تغيرت الادارة الامريكية وقدوم إدارة جديدة وتحديداً من الجمهوريين يكون لديهم سياسة خارجية فيها نشاط وحيوية للمنطقة والعالم.
الاسعد متحدثا لـ «اليوم» في بيروت التفجيرات في لبنان نتيجة حتمية لانغماس "حزب الله" في الحرب السورية