دول الشرق الأوسط ستواصل الزيادة في الإنتاج لتصبح ثاني أكبر مستهلك للطاقة
محمد الضبعي - الدمام 2014/01/19 - 03:05:00
شهد التقرير السنوي لوكالة الطاقة الدولية للعام 2013 تحولا لافتا، فبعد تأكيد الوكالة على تناقص دور دول الخليج، خصوصا، ودول الشرق الاوسط بشكل عام في مشهد الطاقة العالمي، عادت الوكالة لتؤكد في تقريرها الأخير، أن التطورات التقنية في مجال مصادر الطاقة، والزيادة في معدلات استخراج النفط والغاز غير التقليديين لن تؤثر على أهمية الشرق الأوسط كمصدر رئيسي للطاقة. وقالت الوكالة: إنه بالرغم من التقنيات الحديثة، وارتفاع الأسعار، وظهور مصادر جديدة للطاقة، إلا أن العالم لا ينعم بوفرة نفطية.
وقلل التقرير من تأثير زيادة إنتاج مصادر الطاقة من شمال أمريكا والبرازيل، وأكد أن الشرق الاوسط، الذي يعتبر المصدر الوحيد الرخيص للطاقة العالمية، سيحتفظ بمكانته كأهم ملبٍ لزيادة الطلب العالمي.
وأرجع حجاج بو خضور الخبير النفطي الكويتي، أن وكالة الطاقة الدولية تخضع لإملاءات دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي تتكون في معظمها من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وتصدر بياناتها وفقا لأجندة سيايات هذه الدول.
وأضاف: إنه تردد في الأعوام الماضية أن الولايات المتحدة ستكتفي ذاتيا بحلول العام 2018، ومع اقتراب ذلك الموعد ما زالت الولايات المتحدة تستورد أكثر من نصف احتياجاتها النفطية.
ويرى بو خضور أن العالم سيظل معتمدا على إنتاج الخليج حتى العام 2070، وأن منطقة الخليج ما زالت تحتضن الكثير من الاحتياطيات التي لم يعلن عنها. مؤكدا أن الاحتياطيات الحالية من النفط سهل الاستخراج تشكل أقل من 60% من الاحتياطيات الفعلية، كما أن أمام دول الخليج أكثر من عشر سنوات للوصول إلى ذروة الإنتاج في الوقت الذي بدأت فيه معظم الدول المنتجة بالتراجع في حجم الاحتياطيات.
وأوضح أن بيانات وكالة الطاقة الدولية وتصريحات الدول المستوردة للنفط لا تسعى لاستقرار الأسواق، وتحركها دوافع سياسية في المقام الأول، لذلك فإن التصريحات تتغير بتغير المواقف وعلاقات هذه الدول وتحالفاتها.
وبين أن النمو الاقتصادي في الصين ودول الخليج ودول جنوب الصحراء الكبرى يعتبر المحرك الأهم للنمو الاقتصادي العالمي وهو ما يثير حفيظة دول الغرب التي تسعى إلى تطويع الصين ودول الخليج بما يتماشى مع أهدافها، كما أنها تسعى من خلال إيجاد توتر في أسواق النفط، إلى دفع الشركات والاستثمارات إلى خلق بدائل جديدة لنفط الخليج.
وعودة إلى تقرير الوكالة الذي أوضح أنه بزيادة الطلب العالمي بمعدل الثلث بحلول عام 2035، سيتحول ارتفاع الطلب إلى آسيا، وستتراجع الصين مع بداية عقد العشرينات من القرن الحالي، وستأخذ الهند ودول شرق آسيا مكانها كأكبر المستهلكين للنفط في العالم. كما أن دول الشرق الأوسط ستواصل هي الاخرى الزيادة في حجم الإنتاج، لتصبح ثاني أكبر مستهلك للطاقة بحلول 2020، وثالث أكبر مستهلك بحلول 2030، وهو ما سيعيد ترتيب الأدوار في السوق العالمية.
وربط التقرير بين التغيرات التي تطرأ على طلب الدول من الطاقة ونموها الاقتصادي، والضغوط التي تمارس عليها لتخفيف كمية انبعاثات الكربون، إضافة إلى التطورات التكنولوجية. واعتبر القدرة على تحمل تكاليف الطاقة عنصراً أساسياً في الرفاه الاقتصادي في العديد من الدول.
وسيساعد انخفاض أسعار الطاقة في الولايات المتحدة على تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، بينما يشكل ارتفاع التكلفة في اليابان وأوروبا عبئا ثقيلا. ويستمر، وفقا للتقرير، التفاوت الكبير في أسعار الطاقة حتى عام 2035، ما يؤثر على استراتيجيات الشركات وقرارات الاستثمار في الصناعات المرتبطة بالطاقة. ففي الوقت الذي ترتفع فيه حصة الولايات المتحدة من المنتجات ذات العلاقة بالوقود الاحفوري نتيجة وفرة الغاز لديها تتناقص منتجات الاتحاد الأوروبي واليابان وستفقد مجتمعة ثلث حصتها في الأسواق.
ويرافق التحول في ميزان الاستهلاك لصالح دول آسيا ودول الشرق الاوسط زيادة في بناء مصافي التكرير في هذه المناطق، بينما سيضغط انخفاض الطلب على النفط والغاز في الجانب الآخر من العالم على صناعة التكرير لديها. وبحلول 2035 ستفقد دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، وخصوصا الأوروربية منها، 10 ملايين برميل من قدرتها الإنتاجية من المشتقات النفطية.
وتعتمد الدول المستوردة للنفط الكثير من الخيارات لتخفيف تأثير ارتفاع أسعار الطاقة مثل تطوير كفاءة الطاقة، والتحول إلى الغاز على أمل أن يساهم انخفاض أسعار الغاز في شرق آسيا وتدفقات الغاز من أمريكا الشمالية على تماسك أسعار النفط.
ويؤكد التقرير على أهمية التقنية لخلق موادر جديدة للطاقة، مثل استغلال حقول النفط في المياه عميقة جدا، والنفط الصخري وهي مصادر كانت ولا تزال صعبة الوصول ومكلفة. وتيرة نمو الطلب تتباطأ من مليون برميل سنويا حاليا إلى أقل من 400 ألف برميل بعد العام 2020، مع زيادة الكفاءة والتحول في مصادر الوقود وتقليل الاستخدام في العديد من الدول.
ولفت التقرير إلى أن العمل على الحد من تأثير أسعار النفط على اقتصادات الدول لا يعني اهمال التصدي لزيادة الانبعاثات.