هل تصورنا يوماً أن يُخيّم على العالم بكل ما يحتويه من سماء وأرض وبحار وأنهار وجبال،
غياب الألوان: إنسان وحيوان وطير؟ لا أحد يتصور ذلك، فالألوان هي الحياة بكل معانيها،
في تعاقب فصولها وتنوع زروعها، وبزوغ شمسها، وإطلالة قمرها، انسدال ليلها الأسود الوقور في شموخ وسكون.
الألوان حكاية العالم كله، ولكن كيف؟[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]معاً نستعرض لغز الألوان.. جمالياتها.. أهميتها للإنسان في كل مفردات حياته..
الألوان في الأمثلة الشعبية أيضاً.
ميّز الله سبحانه وتعالى الإنسان بتعددية الألوان، فهناك من خلقهم ببشرة بيضاء لامعة،
جملها بعيون في لون الفيروز النقي أو الزمرد المائل للاخضرار الصافي،
وشعر في لون سبائك الذهب ينسدل في نعومة الحرير الهندي،
وآخرون تميل بشرتهم للون الحنطة الجذابة،
وعيون سوداء كحيلة بكحل رباني ورموش بها جاذبية الكون كله،
وشعر في لون الابنوس اللامع كستار مفيد مقدس ينسدل ليكتسي به الظهر كله في خيلاء وجمال ودلال.
بشر آخرون تميل بشرتهم للإصفرار الممزوج باللون العاجي وشعور تتدرج في ما بين الأسود والبني..
جماليات لونية طبيعية تميز قوم عن قوم في الشكل واللون معاً.
ممالك أخرى يتسع لها الكون في إعجاز لا يملك الإنسان أمامه سوى التسبيح بقدرة الخالق
الذي لا يشوب خلقه شائبة ف«ليس كمثله شيء»، ممالك الطيور والحيوانات والأسماك،
الطيور جميعها تتميز بتدرجات لونية كانت دائماً ملهمة لكبار مصممي الأزياء في العالم،
يعتبر الطاووس ملك الطيور عاكساً ألوان الفيروز والزمرد والذهب المؤكسد .
وعلى رأسه الصغير تاجاً من الريش الذهبي وكأنه ملك على مملكة الطيور،
النورس الذي يهيمن على المسطحات المائية يفرد جناحيه في بعضهما المميز،
وعيون حمراء ترصد ما تحت الماء بنظرة ثاقبة حادة، كعصافير الكناريا ذهبية اللون
والمعروفة باسم «طيور الحب»، النعام بريشه الناعم العاجي والأسود،
منه تصنع مراوح اليد لسيدات المجتمع الأرستقراطي، ألوان الطيور،
تطير وتجوب العالم في جماليات يصعب رصدها، والجميل هنا
أن كل طائر وسرب منه يتناغم لونياً مع الطبيعة التي ينشأ فيها أو يهاجر إليها.
حكمة ربانية[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وإذا تأملنا البراري والغابات والصحارى لوجدنا أنها تتنوع جميعها بألوان خاصة جداً،
في السهول والصحارى حُمُر وحشية مقلمة بالأبيض والأسود بطريقة خاصة جداً تحتوي
على حكمة في خلقها على هذا النحو، فهي عندما تعدو تحدث صدمة
متعرجة بلونيها الأسود والأبيض في عيون الحيوانات المتوحشة
التي تعدو وراءها لتنقض عليها وتحويلها لوليمة دسمة شهية،
فهي ألوانٌ تموه الناظر إليها خاصة بانعكاسات ضوء الشمس عليها.
العاجي المصفر لون سفن الصحراء من الجمال التي تتهادى
في رصانة وثقل فوق الكثوب الرملية الساخنة باللون العاجي نفسه
والتي تتدرج بفعل الرياح وكأن ريشة فنان رسمتها في تعرجات رائعة.
«التايغر» الأنيق الذي يكتسي جسمه القوي ببقع سوداء على خلفية بنية فاتحة،
طالما استخدمت بيوت الأزياء العالمية هذا التصميم الطبيعي
لتنسج منه قماشاً يعرف باسم «تايغر برنيت»، كناية عن لون النمر المزركش
الذي ما زال الانقراض يهدده بفعل القناصة الطامعين في جلده الثمين،
الذي ترتديه الجميلات من عارضات الأزياء في دوائر الضوء على المنصات الباريسية.
حضور طاغ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]للزهور والزروع حضور لوني طاغٍ.. جميل ومعجز في الخلق، مسطحات خضراء متدرجة
في كثافة الأخضر الداكن وحتى الباهت منه يعكس حقولاً خصبة يمكن للرائي مشاهدته
من فوق السحاب على متن الطائرات وكأن الأرض اكتست بسجاد محكم الصنعة
واللون والامتداد الهائل في الحجم، وأخرى شاسعة ذهبية تعكس محصول القمح يتمايل
مع رياح الخريف فتكون «جدارية» أمامها يتدرع الإنسان بقدرة الخالق فيقول «الله».
مسطحات مائية تشكل نصف حجم اليابسة، بحار ومحيطات
تتدرج ألوانها بين الفيروزي والأزرق والكحلي، وأحياناً الأسود.
شمس تنير العالم والأبصار والقلوب بلون ذهبي قوي، يخفت في الغروب ليتحول إلى الأرجواني
الذي يختفي وراء خط الأفق معلناً قدوم الليل، وبداية النهار في النصف الآخر
من الكرة الأرضية تاركاً الألوان المتدرجة مع زرقة السماء هي جدارية طبيعية معجزة بحق.
زرقة السماء ورمادياتها في الخريف مع مساحات من الأبيض
التي تعكس السحب «الذاريات»، سقف العالم المرفوع بغير عمد،
من زرقته ورمادياته ينهمر الغيث والأمطار لتربو الأرض وتنقش الزروع..
جميعها حكاية لون ربما يمر علينا مدلولاته مرور الكرام،
وربما أيضاً يذهلنا فيعيد إلينا صوابنا الذي سُرق منّا في عالم مادي
سريع لاهث ومجنون، ولكن للجمال واللون منطقهما الأجمل دوماً،
أمامه نسجد ونسبح وندعي الخالق مالك المُلك والحق والعدل
الذي خلق كل شيء بقدر معلوم، حتى توزيع الألوان في العالم والمخلوقات غير عبثية.
وللألوان وانتشارها نقلات نوعية في حياة الشعوب والأمم،
فالنقلة بين الأفلام ذات اللونين الأبيض والأسود إلى الألوان،
تعتبر نقلة في عالم ثورة التصوير الملون والتحميض،
أيضاً نجد عواصم العالم الكبرى سواء
في عالمنا العربي مثل أبوظبي ودبي والقاهرة ودمشق وعمان وغيرها،
نجد شوارع تلك المدن والعواصم يغلب عليها مزيج لوني صارخ نتاج عناقيد اللمبات الملونة.
والإعلانات التي تمــلأ واجهـــات الشوارع والمباني تعج بالألوان الفوسفـــورية
لجذب الانتبـــاه، وهناك من العديد من الهيئات مثل هيئة الحفاظ على البيئة
في بعض العواصم العالمية يعتبرون الإفراط الكبير في أنـــواع الإضاءة الملونة
نوع من التلوث البصري الضار بالعيون، خاصة الإشعاع الضوئي المصاحب
لهذه الألوان الكهربائية ضار بالحوامل، وعيون الأطفال الصغار،
فتفرض مثل هذه الهيئات غرامات مالية
لأصحاب الواجهات المفرطة في استخدام الألوان المشعة.
ألوان المدن والصروح[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ومن أكثر العواصم العالمية صخباً في استخدام الألوان
مدينة باريس المعروفة باسم «مدينة النور»، ونيويورك التي اشتهرت باكتساء واجهات ناطحات السحاب
والمباني العملاقة بإعلانات ملونة ضخمة تشع في انبهار زائد،
كذلك نجد الفنادق العائمة ذات السبع نجوم تزيّن بعناقيد
من لمبات كهربائية ملونة من أشهرها العوامات المصرية التراثية.
والفنادق العائمة التي تشق صفحة النيل مثل الفندق العائم «فرعون النيل» وغيره،
جميعها تضفي ازدهارات لونية تغازل صفحة مياه النيل في غزل جميل،
يطل عليها من العالي شعاع فضي رائع ينبعث من القمر في ليلة التمام
يؤنس عشاق الليل، والشعراء والرومانسيين الذين يعشقون الليل
بلونه الأبنوسي والقمر المطل ونجمات في السماء الأولى،
منها يصنعون عقوداً في الخيال لمحبوبة غالية.
هكذا يؤثر اللون في الإنسان والطبيعة معاً.
وتعتبر عمارة المساجد القديمة في القاهرة الفاطمية
واسطنبول تحفة معمارية يعشق فيها الزجاج الملون الذي يتخذ أشكال الزهور الملونة،
تضفي جميعها على المسجد تفرداً وجمالاً في التصميم والمعمار،
ويعتبر مسجد سيدنا الحسين رضي الله عنه وأرضاه
ومسجد السلطان حسن رموزاً لجماليات الزجاج المعشق.
ومعمار ما بعد الحداثة الذي تأخذ المباني
فيه واجهات زجاجية ملونة، نموذجاً من المعمار الملون.
الكنائس القديمة في مصر تعكس أيضاً معماراً
من الزجاج الملون رائع التصميم والحرفية العالية.
الجداريات العملاقة التي تعكس حركة في اللون
مثل جدارية الفنان الدكتور طه القرني «سوق الجمعة» وجدارية «السوق»
التي دخل كل منهما موسوعة جينيس للأرقام القياسية، نماذج ملونة بحرفية وفنية عالية.
وتعتبر جميع جداريات ولوحات فان جوخ العالمية مثل «مزهرية أهور الجلاديول» .
وهي مرسومة بألوان تدرجات الأحمر والعاجي والتي تتخذ مكانها
في صالة سوتي للمزادات العالمية في العاصمة لندن،
وأيضاً في متحف الفن في باريس يبلغ حجمها 65 X 40سم،
وتعتبر من الروائع اللونية لفان جوخ. ولوحة تعكس بورترية لفان جوخ نفسه
بقبعة قشية تتميز بتدرجات الأصفر والعاجي، تعرض في متاحف العالم الكبرى
ولوحة «الحصاد» لفان غوخ أيضاً تعكس تدرجات الأخضر
والأصفر وزرقة السماء، بحجم 73 X 92سم.
التجميل بالألوان
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ابتدعه الفراعنة من القدماء المصريين، عندما وظفوا قشور الفواكــه كالرمـــان والحــناء
والتـــوت بألوانه المتعـددة ودخان البخور، لإدخال كل ذلك في مستحضرات تجميل للملكات
من الفراعنة في الأسر الحاكمة، ولم يكتشف العالم بعد،
حتى بعد الوصول للتقنيات المعقدة، كنة هذه الألوان
في مستحضرات التجميل الفرعونية، والتي ما زالت برونقها الملون
حتى الآن في القبور والمعابد الفرعونية القديمة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الرسم على الأواني بألوان الصدفة،
وهي الأحمر والبرتقالي والبنفسجي المشع،
جميعها ما زالت تحتفظ برونقها في المقابر الفرعونية وفي المتحف المصري بالقاهرة.
فالألوان هي بهجة الطبيعة وإعجاز الخلق، وشطحات فنان،
وصخب مدينة يغازل العالم بألوان النيون، وأيضاً «باليت»
الألوان في مراسم الهواة، وأقـلام الألوان في حجرات الصغار،
فالألوان هي النبض الفاصل بين الحياة والموت،
بين الحركة والسكون.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
.
الثلاثاء 1 مايو 2012 - 13:56
.gif "هيئة الرقابه العامه")
