اعتصام نظمته عائلات الجنود اللبنانيين المحتجزين لدى المسلحين في بعلبك
علي حمادة لـ «اليوم»: لا ضمانات أمنية لعودة الحريريصفاء قره محمد ـ الوكالات - بيروت
عزز الجيش اللبناني مواقعه في منطقة وادي الحصن شرق عرسال، النقطة الأخيرة التي كانت تحت سيطرة المسلحين.
وتمركز على التلال المشرفة على المنطقة منذ صباح السبت، وسير دوريات مؤللة في أحياء عرسال الغربية، كما استحدث نقطة تمركز جديدة قرب مسجد «أبو إسماعيل: الذي كانت تمارس منه عملية قنص على الجيش اللبناني بعد توقيف 3 قناصين بعد ظهر الجمعة.
بينما ارتفعت حصيلة قتلى الجيش الى 18 قتيلاً، إثر وفاة جندي السبت، متأثراً بجروحه، بحسب الجيش.
واندلعت، السبت الماضي، مواجهات بين الجيش ومسلحين جهاديين، هاجموا حواجزه على اطراف عرسال وفي محيطها. كما اقتحم المسلحون فصيلة لقوى الامن الداخلي داخل البلدة، ذات الغالبية السنية المتعاطفة مع المعارضة السورية، والتي تستضيف عشرات آلاف اللاجئين السوريين.
ولا يزال المسلحون يحتجزون 19 عنصرا من الجيش و17 عنصرا من قوى الأمن الداخلي، إثر انسحابهم الأربعاء إلى المناطق الجردية المحيطة بعرسال والمتصلة بمنطقة القلمون السورية، حيث تدور معارك مع قوات النظام السوري مدعومة بحزب الله اللبناني.
ونعت قيادة الجيش في بيان أمس، "الجندي أول عبد الحميد نوح (36 عاما)، الذي استشهد صباح السبت، متأثرا بجروح أصيب بها خلال الاشتباكات التي خاضها الجيش ضد المجموعات الإرهابية في منطقة عرسال"، ما يرفع حصيلة قتلى الجيش في المعارك الى 18 عسكرياً بينهم ثلاثة ضباط.
وكان مصدر عسكري أفاد وكالة فرانس برس قبل أيام، أن المعارك التي استخدم فيها الجيش المدفعية والطيران، أدت إلى مقتل "عشرات المسلحين".
وبحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، أدت المواجهات وأعمال القصف التي طالت بعضها أحياء في عرسال ومخيمات للاجئين السوريين، الى مقتل 38 شخصاً، وجرح 268 على الأقل.
وكان مصدر عسكري، أكد لفرانس برس الجمعة، أن الجيش دخل عرسال، وأقام حاجزاً له في غرب البلدة.
ونفذ الجيش، أمس، دوريات في داخل البلدة، بحسب مصدر أمني.
وقبل اندلاع المعارك، السبت الماضي، كان الجيش يقيم حواجز على مداخل البلدة وفي محيطها، ويسير دوريات من دون إقامة حواجز ثابتة.
ويقطن عرسال نحو 35 ألف نسمة، إضافة إلى نحو 47 ألف لاجئ سوري هربوا من النزاع المستمر في بلادهم منذ منتصف مارس 2011. وتعرضت البلدة مراراً لقصف من الطيران السوري.
وشهد لبنان سلسلة من التفجيرات وأعمال العنف على خلفية الأزمة السورية، أدت إلى مقتل العشرات. وينقسم اللبنانيون بشكل حاد حول النزاع، بين متعاطف مع المعارضة، أبرزهم "تيار المستقبل" بزعامة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، ومؤيدين للنظام أبرزهم حزب الله الشيعي الذي يشارك في المعارك الى جانب القوات النظامية في داخل سوريا.
عودة الحريري
وعاد الحريري، أبرز السياسيين السنة في لبنان، إلى بيروت، الجمعة، آتياً من المملكة العربية السعودية، بعد غياب استمر نحو ثلاث سنوات. وأعلن الحريري الأربعاء، تقديم السعودية مليار دولار للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية تخصص لمكافحة "الإرهاب".
وأوضح عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل" راشد فايد، في حديث خاص لـ"اليوم" ان "الرئيس الحريري رجل "قدري" مثله مثل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يؤمن بأن الحامي هو الله، وبالتالي هذا لا يمنع من اتخاذ الضمانات الأمنية اللازمة، ومجيئه الى لبنان كان لا بد منه لأن الوضع في البلد على حافة الهاوية اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، فلا انتخاب رئيس جمهورية ومجلس نواب ممددا لنفسه وحكومة تسير على مهلها لعدم حصول صدامات"، لافتاً الى ان "الحالة الامنية التي مرت بها عرسال وضع البلد على فوهة انفجار، جعلت عودة الحريري تشكل صدمة ايجابية لجمهوره ولقوى 14 آذار، وحتى لخصومه السياسيين، خصوصاً بعدما كتبت احدى الصحف اللبنانية اللصيقة بـ"حزب الله" مقالا افتتاحيا، دعت فيه الحريري للعودة الى لبنان، والقول: ان الوضع يحتاج لوجوده لشد وتر الاعتدال في البلد لان الاحتقان أصبح على حافة الهاوية، وهذه صورة من جانب وهنالك صورة أخرى، خصوصاً بعدما انتقلت المملكة العربية السعودية الى مواجهة الارهاب بإعطائها هبة بمليار دولار لتسليح الجيش والقوى الامن الداخلي، وتسليمه للرئيس الحريري الذي هو رمز الاعتدال والحرص على الدولة والسيادة اللبنانية، وهذا دوره داخل 14 آذار، ودور هذه القوى".
وأوضح فايد أن "مجيء الحريري شكل ضربة للتطرف الذي بدأ يتولد نتيجة للاحتقان الناجم عن دور "حزب الله" في سوريا ودوره في التنكيل بوجود الدولة اللبنانية، وهذا الوضع يهدد الحزب والاستقرار الداخلي". وقال: "جميعنا يتذكر الرئيس سعد الحريري حينما ترك لبنان بعدما أسقط المشروع الايراني ـ السوري اتفاق السين ـ السين وحكومة الوحدة الوطنية، حتى وصلت التهديدات للرئيس الحريري حتى غادر لبنان الى الخارج، الآن عودته الى لبنان هي نتيجة تفاهمات اقليمية ودولية وهي اقرار ضمني ان هذا المحور الايراني ـ السوري مصلحته أن يكف عن ضرب الاعتدال في لبنان سواء كان سنيا أو غير سني".
واعتبر ان "الرئيس الحريري لم يأت الى لبنان من دون برنامج عمل محدد، وبالتالي البند الاساسي هو انتخاب رئيس جمهورية، كما وان عودة الحريري ناجمة عن اطار تفاهم دولي ـ عربي ـ اقليمي، ونتذكر كيف اختفى هذا التفاهم في لحظة الاشكالات التي نشأت على الملف النووي الايراني مع الدول الخمس زائد واحدة يوم تشكلت حكومة الرئيس تمام سلام كانوا قد وافقوا بحكومة 3 ثمانيات، الا انه عندما عادت المفاوضات". وختم: "عودة المفاوضات بين ايران والمجموعة سبقها عودة الرئيس الحريري بعد تمني خصومة قبل حلفائه، لان هذا التفاهم حفظ استقرار لبنان".
لا ضمانات
وجزم عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل" علي حمادة في حديث خاص لـ"اليوم" ان "عودة الرئيس الحريري هي نهائية"، موضحاً انه "ان أراد السفر فهو من أجل استكمال مهمته الوطنية او متابعة تنفيذ بنود الهبة السعودية وغيرها، الا ان عودته السياسية انتهت، هو موجود الآن في لبنان، والمنفى القسري والخروج الاختياري انتهى وكان مرحلة سابقة".
ولفت الى انه يمكن ادراج العودة "بباب تنفيذ بنود الهبة السعودية للقوى الامنية والجيش اللبناني، ثانياً اعادة تصويب البوصلة فيما يتعلق بالواقع اللبناني ـ الداخلي وتوازنات البلد، ثالثاً المساهمة في مواجهة الاخطار والتحديات التي يواجهها البلد ولاسيما على صعيد الارهاب، كما اننا لا ننسى الواقع التمثيلي لسعد الحريري في البلد وهو بالنتيجة يمثل الكثير وفي غيابه اختلال للتوازن".
وشدد حماده على ان "لا ضمانات أمنية لعودة الحريري الا انها توجد جوا سياسيا مختلفا، وتعدّل بموازين التوازنات وتجعل البلد متوازنا سياسياً، كما وانها تسهم بحماية الجيش والمؤسسات، انطلاقاً منها يمكن البناء لحوارات ونقاشات وطنية عامة، وهناك تحديات على الرئيس الحريري ان يواجهها فهو زعيم سياسي وقيادي كبير في البلد".
وختم: "يفترض ان يكون هناك حلحلة للملف الرئاسي، فلا يمكن بقاء موقع سدة الرئاسة فارغاً فهذا أمر غير مقبول، وهذا يؤثر سلباً على البلد".
احتفالات
الى ذلك، نظمت منسقيات "تيار المستقبل" في المناطق اللبنانية مسيرات واحتفالات ترحيبا بعودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان بعد غياب دام ثلاث سنوات.
وكان الحريري قد غادر لبنان في أيار 2011، بعد اسقاط حكومة الوحدة الوطنية وبعد وصول معلومات بأن حياته مهددة بالقتل.