الشيخ مالك الشعار
في طرابلس طابور خامس لإلباسها ثوباً إرهابياً وستبقى عصية على الفتنصفاء قره محمد ـ بيروت
في خضم الحديث عن احتضان مدينة طرابلس ـ عاصمة الشمال اللبناني، ذات الأكثرية السنية منظمات إرهابية، قال مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار إن مناطق طرابلس تصّر على أن تبقى عصية على وجود أي فتنة من الفتن أو تحتضن شيئاً من التنظيمات الخارجة عن القانون أو التي تدعي الإسلام زوراً وبهتاناً، كاشفاً عن ان هناك طابوراً خامساً يريد أن يغرق المدينة بالفوضى والقلق والاضطراب، حتى يتمكنوا من إلباس المدينة ثوباً إرهابيا أو ثوب تطرف.
وشدد في حوار خاص لـ «اليوم» على أنه ليس أمامنا إلا الدولة وخيارنا الدولة، لا نريد على الإطلاق أن يكون هناك منطق يسود أو يعلو على صوت الدولة والقانون أبداً، لا مجال عندنا للمساومة أو التفاوض على الدولة والدستور أو القانون.
ورأى الشعار ان ما يحدث في العراق ربما كان ثمرة طبيعية لذلك الاستبداد الذي عمّ وطننا والبشر ولتلك التصاريح التي يقودها نوري المالكي وأمثاله في العراق. وهنا نص الحوار:
في وقت تكثر فيه المزاعم عن وجود منظمات إرهابية كـ «داعش» في طرابلس، بماذا يطمئن مفتيها؟
ـ سبق وأن بينت مراراً أن طرابلس هي العاصمة الثانية لهذا الوطن العزيز لبنان، وهي بالتالي عاصمة الوطن الثقافية والوطنية وتاريخها يشهد على حاضرها وأن كل المزاعم التي توجه كثيراً من السهام اليها إنما تنبع من خيال لا يمثل شيئاً من الحقيقة على الإطلاق، فطرابلس ربما تكون أكثرية سكانها من المسلمين السنة، وهذا بحدّ ذاته محط اعتزاز عندنا، لأنه يمثل كماً كبيراً من القيم الدينية والإنسانية والوطنية، ولا أعرف على الإطلاق ما الأسباب التي تجعل السهام والأصابع تتوجه إلى هذه المدينة، متهمة اياها تارة بالإرهاب وتارة أنها تحتضن ما يسمى بتنظيم «القاعدة» أو «داعش» أو مفردات التنظيمات التي تدعي الانتماء للإسلام ظلماً أو بهتاناً.
انني على استعداد كامل أن أستقبل أي وفد في الداخل أو من الخارج ليتجول في طرابلس أو الشمال وأنا على ثقة تامة أنه لن يجد فيها إلا كلمة الخير مصحوباً بشيء من الفاقة والفقر التي أصيبت بها بعض مناطق طرابلس والتي تصر على أن تبقى عصية على وجود أي فتنة من الفتن أو تحتضن شيئاً من التنظيمات الخارجة عن القانون أو التي تدعي الإسلام زوراً وبهتاناً.
الخطة الأمنية
من يريد احباط الخطة الامنية في طرابلس منذ شهور، ولصالح من؟
ـ لم يعد خافياً على أحد أن الخطة الأمنية عندما بدأت كان أول المستقبلين لها هم أهل التبانة وجبل محسن معاً، ولم تكن هناك مواجهة مع الجيش ولا مع القوى الأمنية، وإنما كان عكس ذلك تماماً، استقبال وترحيب بالأرز وماء الزهر والورود، ولا أدل على ذلك من ألا تسقط قطرة واحدة من دماء أحد المواطنين مما يدل على ألا مشكلة بين أبناء المدينة الواحدة، وأن كل ما جرى على الساحة في الآونة الأخيرة كان مفتعلاً ومفبركاً ومستورداً ومفروضاً على هذه المدينة الأبية التي عبّرت منذ اللحظة الأولى للخطة الأمنية باللقاء الأخوي والزيارات الودّية المتبادلة بين أهلنا في جبل محسن وأهلنا في التبانة، وكان اللقاء في التبانة والقبة وجبل محسن على حد سواء.
لذا لم يعد خافياً على أحد أن هناك طابوراً خامساً يريد أن يغرق المدينة بالفوضى والقلق والاضطراب، حتى يتمكنوا من إلباس المدينة ثوباً إرهابيا أو تطرفا أو ما شابه ذلك، وأعتقد ان اللبنانيين على درجة عالية من الوعي والادراك بأن اليد التي تفتعل هذه المشاكل لم تعد خافية على أحد وهي على سبيل الجزم واليقين ليست من أبناء المدينة أو من أبناء الشمال.
ما الحل لحماية طرابلس ولبنان من الفوضى التي قد يستغلّها البعض لتحويل هذه المدينة الى بؤرة إرهابية؟
ـ ليس أمامنا إلا ما سبق أن أعلناه للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، ليس أمامنا إلا الدولة وخيارنا الدولة، لا نريد على الإطلاق أن يكون هناك منطق يسود أو يعلو على صوت الدولة والقانون أبداً، لا مجال عندنا للمساومة أو التفاوض على الدولة والدستور أو القانون، هذا خيار طرابلس وأبناء الشمال، وهذا قرار الأحرار والشرفاء والمواطنين.
هل تتخوف من استعادة توظيف طرابلس لتكون ساحة لتبادل الرسائل المحلية والاقليمية؟
ـ رغم أن الكثير من المسؤولين والمتابعين للحدث السياسي للبنان، يتأبط شراً ويتخوف بين اليوم والآخر، إلا ان ثقتي بالجيش تجعلني على يقين تام أن لا عودة للوراء ولا مجال أن تعود الفتنة إلى ما كانت عليه أبداً. ثقتي كبيرة بالجيش وبقوى الأمن الداخلي والقوى الأمنية كلها مع المسؤولين أن لا عودة إلى الوراء وأن لا اضطراب في الأمن والاستقرار بإذن الله تعالى.
احتقان الشارع الاسلامي
في قضية الموقوفين الإسلاميين، الى أي مدى يزداد الاحتقان في الشارع الاسلامي في ظل عدم البت بهذه المحاكمات؟
ـ الحل الوحيد المسارعة في المحاكمة، القانون، العدل، القضاء هو الحل، وتمنياتي ورجائي وصرختي ومناشدتي، للمسؤولين أن يولوا قضية المحاكمة اهتماماً أكبر حتى تتم عملية المحاكمة بوقت قصير وأن تأخذ العدالة مداها ومجراها. المذنب يدان والبريء يطلق سراحه.
رئاسة لبنان
فيما يخص الانتخابات الرئاسية، هل باتت أسيرة المشروع الإيراني وسلاح حزب الله في لبنان؟
ـ لم يعد خافياً على أحد أن لبنان للأسف ربط نفسه بالنزاعات الدولية والخارجية وكان أمام اللبنانيين أن يتوافقوا على رئيس جديد يعيد للبلد أمنه واستقراره ليكمل ما توصل إليه العهد السابق بقيادة الرئيس ميشال سليمان، يؤسفني أن لا يتنبه الزعماء السياسيون لهذه القضية ويؤسفني أكثر أن لا يعبروا عن طريق الواقع والممارسة أن لبنان ينبغي أن يكون أكبر منهم ومن كل القيادات والمرجعيات السياسية وغيرها، وأمام اللبنانيين فرصة أن يلتقوا ويتفقوا على رئيس جديد، فأي رئيس يتفق عليه خير من الفراغ الذي ينذر بالانهيار، لا سمح الله ولا قدر.
جنوباً، هل من مخاوف من فتح جبهة الجنوب مع إسرائيل أم أن حزب الله غير مستعد لها؟
ـ اعتقد ان استنفار الجيش وقوى الأمن وقيام المقاومة بواجباتها في الجنوب، سيقفل أي باب من أبواب جرّ الجنوب أو لبنان الى صراع جديد مع العدو الإسرائيلي، ثقتي كبيرة أن يبقى جيشنا مستعداً، كما أن ثقتي ان المقاومة لن تتنازل عن دورها في مقاومة إسرائيل.
فوضى العراق
ما موقفك مما يحدث في العراق؟، ألا تعتقد أنها ردة فعل طبيعية لممارسات حكومة المالكي؟
ـ ما يحدث في العراق ربما كان ثمرة طبيعية لذلك الاستبداد الذي عمّ وطننا والبشر ولتلك التصاريح التي يقودها المالكي وأمثاله في العراق، وآمل لهذا البلد العربي الشقيق أن تنطفئ ناره وأن يعود إلى ساحة الأمن والاستقرار وأن يتولى زمام الأمر عقلاء أهل العراق وحكماؤه من عرفوا بالوطنية ومن يشهد لهم الماضي والحاضر بأنهم لن يكونوا لا مع التقسيم ولا مع التدمير، إنما مع وحدة العراق بأمن وسيادة وحرية واستقلال بتمامه وكماله.
ماذا عن إعلان دولة الخلافة الإسلامية؟، وما رأيك بالمبايعة التي تتم لأبي بكر البغدادي عبر الإنترنت؟
ـ الفاهمون من مقاصد الشريعة الإسلامية والمدركون لتاريخنا الإسلامي ولمنهج النبي (عليه الصلاة والسلام) يدركون بعين اليقين أن كل الذي يحدث ليس أمراً طبيعياً وصداً حقيقياً عن توجيهات القرآن الكريم وتعاليمه التي أمرتنا أن ندفع بالتي هي أحسن وأن لا نجادل أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن وان الإسلام لا تقوم له دولة على العنف ولا بواسطة السيف ولا بالقهر والقوة، ولذلك فإن الغيارى يدركون أن الذي حدث وربما يحدث في أشكال وظروف متعددة لا يمثل حقيقة الإسلام ورسالته السمحاء التي تقوم على التسامح وحرية الاختيار التي تعتبر قاعدة أساسية حتى في اختيار الإيمان، «فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، «إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء»، «فذكّر إنما أنت مذكّر لست عليهم بمسيطر»، هذه بعض الآيات القرآنية التي تؤكد المنطلقات التي تمت الإشارة اليها والتي لا يجوز أبداً أن تقوم شعاراً دون مضمون وواقع ودون هدف يحقق رحمة الله بالعباد، فالإسلام دين الرحمة ومحمد (صلى الله عليه وسلم) نبي الرحمة وهو القائل عن نفسه ورسالته (إنما أنا رحمة مهداة بعدما أنزل الله عز وجل علي قوله تعالى: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
نتشار الجيش اللبناني لمواجهة أي تفجيرات أو احتقانات