قدرة مصر المائية تسهم في انجاح مشروع زراعة 40% من مساحتها
ندوة تبحث إخراج البلاد من الأزمة إلى الممر الاقتصادي الآمنحمدى عبد التواب 2014/03/21 - 03:00:00
نظمت نقابة الصحفيين المصرية في 12 مارس الجاري ندوة بعنوان «كيف تخرج مصر من الأزمة إلى الممر الاقتصادي الآمن»، لمناقشة سبل حل الأزمة الاقتصادية التي تعانيها مصر، وكيفية مواجهة التحديات خلال الفترة القادمة، بحضور الخبير الاقتصادي، اللواء مهندس طارق حبيب، وأستاذ تكنولوجيا المعلومات بجامعة قناة السويس، الدكتور محمد الشرقاوي، وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتور طه على.
وأكد الخبير الاقتصادي، اللواء مهندس طارق حبيب، أن مصر تواجه أزمة حقيقية تتمثل في محاولات رامية لإسقاطها من جانب عدد من القوى الدولية والإقليمية، بمعاونة بعض العناصر الداخلية، وخاصة بعد ثورة 30 يونيو، التي استطاع المصريون خلالها المساهمة في إفساد مشروع «الشرق الأوسط الجديد» الهادف إلى تفتيت المنطقة العربية بالكامل إلى دويلات متناحرة، مشددا على أن مصر تمتلك من الإمكانيات ما يجعلها قادرة على الخروج من تلك الأزمة ومواجهة تلك المحاولات الخبيثة تلك، وخاصة فى ظل الدعم الخليجي الكبير الذي ساعد في إزالة الكثير من المعوقات.
وأضاف حبيب، إن خروج مصر من أزمتها يتطلب النظر بواقعية للوضع القائم حاليا، الذي يؤكد بان إجمالي الموازنة المصرية لعام 2013 يبلغ قرابة 820 مليار جنيه، محققة بذلك عجزا بلغ 197.5 مليار جنيه، في الوقت الذي تشير فيه التقديرات إلى أن توفير حياة كريمة للشعب المصري يتطلب توفير 10 تريليون جنيه، وهو الأمر الذى يجعل من نتيجة المقارنة بين الواقع والمأمول مأساوية، مستطردا أن السبب الرئيس لهذا الوضع هو افتقاد الحكومات السابقة للرؤية المستقبلية، وغياب الفكر الاستراتيجي عن إدارة الدولة، ما أدى إلى ضبابية المشهد أمام المواطن العادي، وتنامي الإحساس بضياع الأمل في الإصلاح.
وتابع حبيب، إن خروج مصر من تلك الأزمة يتلخص فى الاعتماد على عنصرين هما القوى البشرية والأرض، وللأسف هما أكثر العناصر عرضة للإهمال من جانب النظم البائدة.
مشروع قوميويرى حبيب، أن الخروج من هذه المعضلة يستوجب تبنى مشروع قومي، يحمل رؤية استراتيجية، تراعي التخطيط المستقبلي وحفظ حقوق الأجيال القادمة، فى نيل مستوى راق من الحياة، وهو مشروع زراعة 40% من مساحة مصر، أي ما يوازى 90 مليون فدان، مؤكدا أن هذا الرقم ليس خياليا بل متاحا من خلال عدد من الخطوات، أولها إحياء مشروع الحزام الأخضر الذي تبناه وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية الأسبق، المهندس حسب الله الكفراوي، في نهاية السبعينات، والذي توقف فجأة، برغم انتهاء كافة الدراسات والأبحاث الخاصة به، وكذلك إعادة هيكلة مشروع «توشكي»، بالإضافة إلى تبني مشروع زراعة سلسلة جبال البحر الأحمر المتواجدة في الصحراء الشرقية، من خلال تكنولوجيا زراعة الجبال المنتشرة عالميا.
وأوضح حبيب: أن مصر تمتلك مقومات هذا المشروع الضخم، المتمثلة فى قدرتها المائية القائمة على حصتها من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا، إضافة إلى مخزونها من المياه الجوفية الذي يقدر بنحو 7.5 مليار متر مكعب حسب تقديرات معهد بحوث المياه الجوفية، كما يمكن اللجوء إلى تحلية مياه البحر، والتي من الممكن أن توفر ما يقارب مليون متر مكعب يوميا.
وفي نفس الوقت الذي يمكن خلاله الاعتماد على المصانع الحربية فى تغطية احتياجات مصر من الآلات الزراعية، بينما يمكن تغطية الموارد المالية اللازمة للمشروع، من خلال مخصصات استيراد السلع الاستراتيجية في الموازنة العامة للدولة، والبالغ حجمها 200 مليار دولار، بعد توفير الاحتياجات اللازمة من تلك السلع لمدة ستة أشهر.
90 مليون فرصة عملوأشار حبيب إلى أن هذا المشروع الضخم يتميز بسرعة التنفيذ، ولا تتجاوز فترة تنفيذه وجني ثماره أكثر من عدة أشهر، إضافة إلى نتائجه المبهرة، حيث إنه يتيح أكثر من 90 مليون فرصة عمل ، عدا عن أنه يحقق فائضا كبيرا فى مخزون السلع الاستراتيجية، الأمر الذي تتحول مصر بموجبه من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة، ويحقق فائضا ماليا قادرا على إحداث طفرة كبرى في المستوى المعيشي للمواطن المصري، كما أنه يتيح قدرا كبيرا من استيعاب المزيد من الزيادة السكانية المتوقعة في مصر، المنتظر أن يبلغ تعداد سكانها في العام 2050 قرابة الـ250 مليون نسمة.
غياب فكرة «المبدع»وفى سياق متصل، يرى أستاذ تكنولوجيا المعلومات بجامعة قناة السويس، الدكتور محمد الشرقاوي، أن مشكلة مصر تكمن في غياب فكرة «المبدع» صاحب الرؤية الاستراتيجية القادرة على الخروج بأفكار يمكنها تغيير الواقع، وهى الأزمة التي تتضح بشدة فى أسلوب اختيار كبار المسئولين بالدولة التي غالبا ما تعتمد على التسلسل الوظيفي والتدرج في المناصب، وهو الأمر الذي لا ينجح فيها إلا أصحاب الفكر التقليدي.
وأكد الشرقاوي، أن تلك المشكلة أدت إلى استمرار سيطرة نفس طرق التفكير القديمة على إدارة الأزمات والقضايا، موضحا أن الحل الحقيقي هو الخروج من تلك الأطر والعمل على إحداث تطور في معالجة القضايا، ضاربا المثل بمشروع المليون وحدة سكنية، التي تم الاتفاق على إنشائها بالتعاون بين الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية ودولة الإمارات العربية مؤخرا، مؤكدا على ضرورة التركيز على إنشاء تلك الوحدات في المدن الجديدة لإحداث تغير إيجابي في التركيبة السكانية بمحافظات مصر، والقضاء على أزمة الإسكان المتفاقمة بفعل العقم السياسي السابق، التي أدت إلى وجود أكثر من ستة ملايين وحدة سكنية مغلقة في الوقت الذي يعاني فيه المجتمع من أزمة إسكان.
وأضاف الشرقاوي، إن الرئيس القادم مطالب بتشكيل لجان في مختلف المجالات تقوم بإدارة حوار مجتمعي حول المشكلات التي تواجه المجتمع ورؤى المواطنين فى الحلول المتاحة لها، وبحث هذه الحلول للوصول إلى الحل الأمثل لها، مشددا على ضرورة تميز إدارته بالشفافية، حتى يستطيع اكتساب ثقة المواطنين.
نجاح المشروع المصريومن جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة الدكتور طه علي، أن الشرط الأساسي لنجاح المشروع المصري هو تحقيق انطلاقه من الهوية الذاتية، فأي مشروع يتجاهل البعد الثقافي للمجتمع لا يستطيع تحقيق أي من أهدافه، مشيرا إلى أن نقطة الانطلاق الحقيقية تكمن فى تحديد هوية الاقتصاد المصري وطبيعته سواء كانت زراعية أو صناعية.
وتابع علي، إن العامل الأهم فى تحقيق النهضة هو تحديد الأولويات والأهداف، من خلال خطة استراتيجية شاملة، فمن غير المعقول أن يتم استهلاك 85% من مياه النيل في الزراعة التي تسهم بـ15% فقط من الدخل القومي المصري.