أحد مقرات الصدر مغلق عقب قراره اعتزال السياسة ا ف ب
ضغوط إيرانية أجبرته على اعتزال العمل السياسياليوم,ا ف ب-بغداد,الكويت 2014/02/18 - 03:00:00
يمثل خروج الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المفاجئ من العملية السياسية في العراق بعد مسيرة حافلة بالنزاعات العسكرية وغير العسكرية، «هدية» لخصومه الشيعة قبل اسابيع من الانتخابات البرلمانية،فيما اعادت مصادر مطلعة قرار الصدر الى ضغوط إيرانية.
ويشكل أيضاً انسحاب الصدر الذي انتقل تياره في فترة قياسية من خانة التطرف الى خانة الاعتدال، خسارة لعنصر اساسي في دائرة التوازن داخل الطائفة الشيعية، وعلى المستوى الوطني العام، بعدما لعب دورا مركزيا في تخفيف الاحتقانات الطائفية.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عزيز جبر لوكالة فرانس برس: إن ابتعاد الصدر، أحد أبرز الشخصيات التي لعبت دوراً أساسياً في إعادة بناء النظام السياسي بعد سقوط صدام حسين عام 2003، يشكل «إفادة للأطراف الأخرى من ذوي الطروحات الشيعية».
ويسمي جبر المجلس الأعلى بقيادة عمار الحكيم، وجماعة عصائب أهل الحق المنشقة عن التيار الصدري، لكنه يذكر على وجه الخصوص ان «المستفيد الآخر هو رئيس الوزراء نوري المالكي إذ إنه تخلص من مزاحم قوي طواعية».
ويوضح «تخلص المالكي من الصدر من دون أن يبذل جهداً كبيراً، وكأنها هدية مجانية».
وكتبت صحيفة «الدستور» المستقلة في افتتاحيتها أمس: إن قرار الصدر «جاء في مرحلة ذات حراجة كبيرة لما ينطوي عليه من إخلال في معادلة التوازنات السياسية التي أسس على وفقها المشهد الانتخابي المرتقب».
ويضيف، أن انسحاب الصدر «سيربك المشهد وسيؤثر بشكل أو بآخر في استغلال المنافسين للفراغ الذي سيتركه قرار السيد، مما قد يرجح الكفة لصالح طرف يكرس حالة التردي، ويستنسخ الصورة السابقة التي لا تبشر بخير».
لكن تيار مقتدى الصدر، الذي لطالما ارتبط اسم جناحه المسلح بعمليات قتل طائفية، قبل أن يأمر الزعيم الشيعي بتجميد أعماله عام 2008، سرعان ما انتقل إلى خانة الاعتدال بعيد عودة الصدر من إيران قبل نحو ثلاثة أعوام.
ويقول الكاتب العراقي سرمد الطائي لفرانس برس: إن الصدر تحول مؤخراً إلى «أكبر داعم لمسار الإصلاح السياسي، وعمل على تخفيف الاحتقانات الطائفية عبر مواقف سياسية ساعدت على تهدئة السنة وطمأنتهم».
ويرى أن «على الجميع أن يشعروا بالخوف من اختفاء هذا الصوت الإصلاحي المعتدل».
ويدعو الصدر منذ عودته إلى العراق قبل ثلاث سنوات إلى الابتعاد عن الطائفية، وإلى نبذ الخلافات السنية الشيعية، وغالباً ما ينتقد العملية السياسية والسياسيين، وحتى المسؤولين المرتبطين بتياره، متهما اياهم بالفساد وبالابتعاد عن الاهتمام بمشاكل الناس.
أهم قوى التوازن ويرى المحلل السياسي إبراهيم الصميدعي أن «الصدر أحد أهم قوى التوازن النامية في العراق، وخروجه هو أول انهيار لأهم عوامل التوازن الداخلي الطائفي (لدى الشيعة) وبداية لانهيار دائرة التوازن الوطني الكبير».
ويتابع: «قد يتصور بعض خصوم الصدر من أصحاب النظرة القصيرة أن خروجه هو انتصار لهم، لكن في الحقيقة أن الكل خاسر من ذلك».
ضغط إيراني وقال مسؤول في أحد مكاتب الصدر في بغداد: إن «القرار شكل صدمة لنا, ولا نعرف حيثياته ولا تبعاته، ولا إذا كان مؤقتا أو دائما».
ورغم أن قرار الصدر يعد مفاجئاً لناحية التوقيت، إلا أنه جاء نتيجة تراكمات سواء لجهة العلاقات المتوترة مع رئيس الوزراء نوري المالكي أو لجهة الخلافات الحادة مع النظام الإيراني الداعم للأخير.
وكشف قيادي مقرب من الصدر أن قرار اعتزال العمل السياسي يعود لتهديد من النظام الإيراني وليس مجرد ضغط سياسي، كما يعتقد البعض، مرجحاً أن تكون حياة الصدر في خطر حقيقي، وأنه اتخذ هذا القرار حفاظاً على سلامته.
مواجهة المرشد وأوضح أن المواجهة بين المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وبين الصدر وصلت الى منعطفات خطيرة جداً، بسبب إصرار الأخير على رفض تولي المالكي رئاسة الحكومة لولاية ثالثة، بعد الانتخابات المقبلة، وأشار بحسب السياسة الكويتية إلى اتهام الصدر بأن عداءه الخزعلي بمثابة معاداة للنظام الايراني، مؤكداً أن هدف دفع الصدر الى الابتعاد عن العمل السياسي، هو إفساح الطريق أمام المالكي لتحقيق نتائج جيدة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وبالتالي تمكينه من الترشح لولاية ثالثة على رأس الحكومة.
وقال القيادي: إن إيران تعتبر تدخلها في اختيار رئيس الحكومة في العراق أمراً مشروعاً، لأنها نصبت نفسها راعية للشيعة العراقيين على أساس أن قادة «التحالف الوطني» الشيعي لا يملكون الخبرة في إدارة البلد.
وأشار القيادي إلى أن قرار الصدر سيفرض تحديات على المجتمع السياسي الشيعي بصورة عامة، لأنه يحمل رسالة إيرانية مفادها بأنه من غير المسموح لأحد من السياسيين الشيعة العراقيين مزاولة العمل السياسي من دون رضا النظام الايراني، مضيفاً أن «هذا أمر خطير للغاية وسيؤدي الى انقسامات وربما صراعات دموية في المستقبل المنظور داخل المحافظات الجنوبية العراقية التي لن تقبل ممارسة السياسة بتوجيهات من خامنئي والقيادة الايرانية».
علاوي :العدول من جهته، حث إياد علاوي رئيس حركة الوفاق العراقية، أمس الإثنين، رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بالعدول عن قراره باعتزال الحياة السياسية استجابة للطيف الأوسع من الجماهير.
وقال إياد علاوي في بيان أمس: صدمنا بالأمس بقرار سماحة السيد مقتدى الصدر في اعتزال العمل السياسي احتجاجاً على الانحرافات الجسيمة التي سلكتها العملية السياسية وانعكاساتها السيئة على حياة وكرامة العراقيين وإخلالها بمصداقية العمل السياسي».
وأضاف: «إن خروج الصدر وتياره تيار الأحرار الذي يتكون بجله من مناضلين حقيقيين سيترك فراغاً كبيراً وخطيراً في العملية السياسية، ويعزز نهج الانحراف بها وتقويضها، مما سيؤدي الى ان تترك شخصيات وقوى أخرى هذه العملية البائسة التي أخلت بالتوازن وعصفت بالبلاد».
وأوضح: «إننا إذ نتفهم أسباب ودوافع الصدر، ورفضه للعملية السياسية البائسة، ونتشارك معه جل قناعاته وتوجهاته وخيبة أمله، إلا أن السيد الصدر لم يعد ملكاً لنفسه بل هو لكل العراقيين وجزء أساسي من حركة الشعب العراقي إلى الأمام، مطالبين إياه بالعدول عن موقفه والاستمرار، فاعلاً بالحياة السياسية وإن كان بشخصه الكريم استجابة لقناعات الطيف الأوسع من الجماهير».