جنود من الجيش اللبناني قرب سيارة مفخخة في كورنيش المزرعة وسط بيروت
«حكومة تصرف الأعمال موضوع استثنائي لا يمكن الاستمرار»صفاء قره محمد ـ بيروت 2014/02/15 - 03:15:00
في لبنان يتجاوز حدود هذا الوطن الصغير، من فلتان أمني تتصدر فيه السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة الواجهة وصولاً إلى هبوط اقتصادي واجتماعي وإلى ما هنالك من سيئات ظاهرة ومخفية يعيشها الشعب اللبناني منذ بدء الأزمة في سوريا والمنطقة.ما يزيد الطين بلة هو التأخير في تأليف الحكومة اللبنانية التي يتولى تأليفها الرئيس تمام سلام منذ 11 شهراً، ما زاد الوضع السياسي تعقيداً خصوصاً ان اللبنانيين يعلقون آمالاً كبيرة على هذه الحكومة التي ستتمثل فيها كل القوى السياسية، ولن تكون كالحكومة السابقة من قوى 8 آذار فحسب.
فهل ستكون حكومة سلام طوق النجاة من التفجيرات، وستضع حداً للفلتان الأمني أم أن ما يجري في لبنان يتخطى قدرتها على لجمه؟!.
«سفينة بلا ربّان»
وشبّه الوزير السابق بطرس حرب في حديث خاص لـ «اليوم» البلد بلا حكومة «كسفينة في البحر بلا ربّان»، موضحاً أنه «لا ندري ما قد تواجهه البلاد في ظل عدم وجود حكومة، فهذا الأمر يعرضنا إلى مصاعب خطيرة، إضافة إلى زيادة تردي الأوضاع السياسية، الاقتصادية والاجتماعية». وقال: «عندما تتشكل الحكومة وتنال ثقة مجلس النواب ستسود الطمأنينة في نفوس اللبنانيين لوجود أشخاص مسؤولين عن إدارتهم للبلد ويتحملون مسؤولية مواجهة التطورات وإيجاد الحلول للمشكلات التي تعصف بنا من الداخل والخارج».
شدد حرب على ان «تشكيل الحكومة يحدّ من الفلتان الأمني، الا انه بالطيع لا يمكنه ايقافه بشكل نهائي، لأن ما يشهده لبنان من سلسلة تفجيرات اكبر من قدرة الحكومة، نظراً لارتباط القضية بالصراع القائم في سوريا وبالصراع الاقليمي والدولي الحاصل في المنطقة» وشدد على أن «تشكيل الحكومة يحدّ من الفلتان الأمني، إلا أنه بالطيع لا يمكنه من إيقافه بشكل نهائي، لأن ما يشهده لبنان من سلسلة تفجيرات أكبر من قدرة الحكومة، نظراً لارتباط القضية بالصراع القائم في سوريا وبالصراع الإقليمي والدولي الحاصل في المنطقة».
وأكد «أهمية الإسراع بتأليف الحكومة»، مجدداً التأكيد على أن «تأخير ولادتها يعرض لبنان إلى مخاطر كبيرة يتحمل مسؤوليته من يعرقل التأليف». وأوضح أن «عدم وجود حكومة يزيد التوتر السياسي في البلد والتوتر السياسي لا يخلق البيئة الملائمة لإجراء انتخابات رئاسية بشكل هادئ ويجعل من الاستحقاق الرئاسي كالعملية القيصرية التي نسعى بكل قوانا لتبصر النور مهما كانت الظروف».
وأسف حرب «لخضوع البلد لأسلوب المقاطعة والممانعة والتهويل والتهديد، ما يجعل إجراء الانتخابات خاضعاً لمزاجات وطموحات وابتزاز أي فريق لا يرغب بوصول غيره إلى هذا الموقع أو ذاك»، مؤكداً أن «هذا الأمر يعرض الاستحقاق الرئاسي إلى الخطر كما ويعرض النظام والمؤسسات بكاملها لأخطار كبيرة، ولا أعتقد أن اللبنانيين قادرون على تحمل هكذا مغامرة». وعما اذا لم تنل حكومة الرئيس تمام سلام الثقة وتحولت الى حكومة تصريف أعمال، أجاب: «هذا افضل من عدم وجود حكومة، فوجود حكومة افضل من غيابها حتى لو كانت غير حاصلة على الثقة».
الوضع الامني المتردي
وشرح الأستاذ المحاضر في القانون الدولي انطوان صفير في حديث خاص لـ «اليوم» ان «البلد يقوم على المؤسسات لذا لا يمكنه ان يبقى في وضعية تصريف الاعمال بالنسبة الى السلطة الإجرائية، لذلك بطبيعة الحال وتطبيقاً لروحية الدستور يجب ان تقوم حكومة وفق الآلية الدستورية المعتمدة أي أن الرئيس المكلف من قبل رئيس الجمهورية بعد الاستشارات التي أجراها مع أعضاء المجلس النيابي يقدم تشكيلة إلى رئيس الجمهورية وعلى أساسها تصبح الحكومة قائمة بحكم صدور مراسيم موقعة من قبل رئيسي الجمهورية والحكومة المكلفـ ويذهب مجلس الوزراء المعين الى جلسة يؤكد فيها على البيان الوزاري وهو بمثابة البيان السياسي او البرنامج السياسي الذي يعتمده والذي على اساسه يتقدم الى مجلس النواب لنيل الثقة من ممثلي الشعب اللبناني».
وأوضح أن «وجود حكومة تصرف الأعمال موضوع استثنائي لا يمكن الاستمرار به لأن منطق تصريف الأعمال استثنائي لا يجوز أن يصبح قاعدة وإلا أضحى النظام المؤسساتي في لبنان قائماً على باطل وهذا شيء لا يرضاه أحد»، لافتاً إلى أن «وضعية الحكومة ترتدي طابعاً خاصاً في هذه الأثناء إذ إنها تأتي عشية الانتخابات الرئاسية التي يجب ان تقوم بمواعيدها الدستورية والتي يدخل فيها مجلس النواب في المهلة القانونية ابتداء من 25 آذار المقبل ويصبح هيئة ناخبة حكماً قبل عشرة ايام اذا لم يتم دعوته من قبل رئيس مجلس النواب».
وقال: «لذلك اعتقد ان هذا الموضوع ايضا له اهمية باعتبار ان عدم الاتفاق بين الافرقاء على حكومة هذا يعني بشكل طبيعي ان الاتفاق سيتعذر او هو متعذر على انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
ولفت صفير إلى أن «للحكومة في حال انشائها ايجابيتين بشكل مباشر، الايجابية الاولى، وهي انعكاس ايجابي على الوضع الاقتصادي الذي يعاني من مشاكل عديدة، وهو يحتاج الى نوع من صدمة ايجابية كي تتحرك عجلة الاقتصاد في هذا الاطار. اما لناحية الأمن، فلا يمكن للحكومة وحدها ان تعطي للأمن استقراراً تاماً بحكم ان الموضوع لا يتعلق فقط بقرار صادر عن السلطات لكن وجود حكومة يعني وجود سلطة وبالتالي هذه السلطة قادرة ولو بالحد الادنى بسبب المتداخلات الخارجية المعروفة من اتخاذ قرارات اجرائية لوضع حد للمسلسل العنفي الذي يمر به لبنان ولقد أضحى الناس تحت طائلة الارهاب النفسي وهذا شيء خطير»، مشيراً الى انه «عندما تكون هناك حكومة فهذا الوضوع يتأثر ايجاباً باعتبار انه في حال حصول اي مشكلة أمنية او التهديد بمشكلة امنية يمكن ان يكون هنالك سلطة لديها الحد الادنى من هامش القرار السياسي والامني وانما البقاء من دون حكومة، بالتأكيد الوضع الامني سيتأثر سلبا ويتفاقم باعتبار انه ليس هنالك سلطة قادرة على اتخاذ قرار وتطبيقه وفقاً لأحكام الدستور».
وعما اذا كانت الحكومة هي طوق النجاة، ختم صفير: «تساعد في الحد من الوضع الامني المتردي وهي نقطة ايجابية مع العلم انها لا يمكنها ان تحل المشاكل باعتبار ان المسائل الامنية هي انعكاس لصراع اكبر من لبنان».