برلمانيات تونسيات يتبادلن التهاني باقرار الدستور
بن جدو باق بالداخلية وجمعة يتعهد بتنفيذ «خريطة الطريق»
الوكالات - تونس 2014/01/28 - 03:07:00
وضعت تونس نفسها على مشارف عتبة إنهاء المرحلة الانتقالية بعد انتظار دام لنحو عامين ونصف العام، بعد يومين حافلين انبثق عنهما تقديم وزير الصناعة الحالي مهدي جمعة لتشكيلته الحكومية إلى رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي، بعد مقايضات اللحظات الأخيرة ابقت بن جدو وزيرا للداخلية، ومصادقة المجلس الوطني التأسيسي بغالبية ساحقة على مشروع الدستور.
وعاشت تونس، في اليومين الماضيين، اللحظات الأخيرة السابقة للمصادقة على الدستور وتشكيل حكومة تشرف على الانتخابات العامة المقبلة، تنفيذاً لمبادرة الرباعي الراعي للحوار الوطني.
فبعد تعثر شهده المسار الحكومي، اضطر الرئيس المرزوقي إلى إعادة تكليف مهدي جمعة بتشكيل الحكومة؛ نظراً إلى انتهاء المهلة القانونية، خرج الرئيس المكلف، ليعلن التشكيلة التي قدمها في قصر قرطاج الرئاسي.
بن جدو المفاجأة وفي مفاجأة بارزة، كانت قد شكلت سبب التأخير، أبقت التشكيلة الجديدة على وزير الداخلية الحالي لطفي بن جدو في منصبه، ما أشار فوراً إلى عدد من التساؤلات حول مقايضات سياسية جرت في اللحظات الأخيرة، تقضي بقبول المعارضة بالتشكيلة الوزارية في مقابل تسهيل إدخال التعديلات على مشروع الدستور في المجلس الوطني التأسيسي.
وفي التفاصيل، فقد صادق برلمان تونس الليلة قبل الماضية بشكل نهائي وبأغلبية ساحقة على دستور جديد للبلاد التي كانت مهد "الربيع العربي"، وذلك بعد مضي ثلاث سنوات على "الثورة" التي أطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وقدم المهندس مهدي جمعة، الى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي تشكيلة حكومة غير حزبية، لتحل محل الحكومة المستقيلة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية، وتسيّر البلاد حتى تنظيم انتخابات عامة.
وصوت 200 نائب من أصل 216 نائبا شاركوا في عملية الاقتراع، بـ «نعم» على الدستور المتكون من «توطئة»، و149 فصلا في حين صوت ضده 12 نائبا وامتنع 4 عن التصويت.
ووصف مراقبون تونسيون واجانب هذا الدستور بأنه الاكثر تقدمية وضمانا للحقوق والحريات في العالم العربي.
وسيعوض هذا الدستور، دستور سنة 1959 الذي تم تعليق العمل به بعد الإطاحة في 14 يناير 2011 بنظام بن علي.
وبعد انتخابات 23 اكتوبر 2011، وقعت أبرز الاحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي، ومن بينها حركة النهضة الاسلامية الفائزة في الانتخابات، وصاحبة اغلبية المقاعد في المجلس (90 مقعدا من إجمالي 217) على التزام بالانتهاء من صياغة الدستور خلال عام واحد من تاريخ الانتخابات.
وتتكون حكومة جمعة من 21 وزيرا و7 كتاب دولة (وزراء دولة).
وأبقى مهدي جمعة في حكومته على لطفي بن جدو (49 عاما) وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة، رغم اعتراض احزاب المعارضة.
وتتهم المعارضة بن جدو ووزارة الداخلية بالتقصير في حماية النائب المعارض محمد البراهمي الذي قتله مسلحون في 25 يوليو 2013، لانها تلقت في 12 يوليو 2013 "مراسَلة" من وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي آي ايه)، التي حذرت من استهداف البراهمي، لكن الوزارة لم تتخذ اجراءات لحمايته.
ودفع بن جدو ان معاونيه لم يعلموه بالمراسلة الامريكية، التي سربها موظفون في وزارته الى حقوقيين ووسائل اعلام، إلا بعد اغتيال البراهمي.
واستحدث مهدي جمعة في حكومته خطة "وزير معتمد لدى وزير الداخلية مكلف بالأمن" أسندها الى رضا صفر (65 عاما) وهو مسؤول سابق بوزارة الداخلية.
وأسند جمعة حقيبة الدفاع الى القاضي غازي الجريبي الرئيس السابق للمحكمة الادارية.
وقال جمعة في المؤتمر الصحافي "الحكومة شكلتها على اساس 3 معايير هي الاستقلالية والكفاءة والنزاهة"، مضيفا ان فريقه الحكومي يضم "أحسن الكفاءات".
واضاف: انه اجتمع عشية الاحد مع فريقه الحكومي وتحدث معه في "منهجية العمل" و"البرامج".
الانتخابات اولويةوتابع: ان حكومته ستجعل من الإعداد للانتخابات العامة المقبل "أولوية الاولويات".
وتعهد جمعة بتطبيق "كل ما جاء في خريطة الطريق" التي طرحتها المركزية النقابية في 17 سبتمبر 2013، لاخراج البلاد من الأزمة السياسية الحادة التي فجرها ،خلال 2013، اغتيال المعارضيْن شكري بلعيد ومحمد البراهمي وقتل عناصر الجيش والامن.
وحكومة جمعة مطالبة بحسب نص "المبادرة" بـ"إشاعة مناخ من الأمن والثقة والاطمئنان لدى المواطنين، بما يمكّن من إجراء انتخابات شفّافة حرّة وفي ظروف عادية وملائمة".
كما يتعين عليها "حلّ ما يسمى «روابط حماية الثورة» ومتابعة من اقترف منهم جرما أو اعتداء".
وتقول المعارضة والمركزية النقابية: ان هذه الروابط المحسوبة على حركة النهضة الاسلامية هي "ميليشيات اجرامية" تحركها حركة النهضة ضد معارضيها في حين تنفي الحركة ذلك.
وعلى الحكومة أيضا "إيجاد آليات لتحييد الإدارة والمؤسسات التربوية والجامعية والفضاءات الثقافية ودور العبادة، والنأي بها عن كل توظيف وعن السجالات السياسية والتجاذبات الحزبية وسنّ قوانين رادعة تحقق هذه الغايات" وفق نص "المبادرة".
وتنص المباردة ايضا على "تشكيل هيئة عليا مهمّتها مراجعة كلّ التعيينات في أجهزة الدولة والإدارة محلّيا وجهويا ومركزيا وعلى المستوى الديبلوماسي".
وتتهم المعارضة حركة النهضة بإغراق الادارة التونسية بآلاف من الموالين لها. ومؤخرا اعلنت وسائل إعلام محلية ان الحكومة التي تقودها الحركة عينت منذ وصول النهضة الى الحكم نهاية 2011، أكثر من 6 آلاف موال للحركة في مختلف مفاصل الدولة بينهم حوالى الف في وزارة الداخلية.
وفي 2012 أعلن الرئيس التونسي في خطاب ان "إخواننا في (حركة) النهضة يسعون للسيطرة على مفاصل الدولة الإدارية والسياسية، عبر تسمية أنصارهم (سواء) توفرت (فيهم) قال الكفاءة أم لم تتوفر". وقال المرزوقي حينها: "كلها ممارسات تذكر بالعهد البائد" في إشارة إلى فترة حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وتطالب المركزية النقابية في "مبادرتها" الحكومة الجديدة "تشكيل هيئة وطنية للتحقيق في الاغتيالات، وفي جرائم الإرهاب والعنف وكشف الحقيقة في اغتيال القادة السياسيين وجنودنا ورجال أمننا البواسل، وذلك برفع العراقيل أمام البحث في هذه الجرائم السياسية والإرهابية" وبـ"سنّ قانون مكافحة الإرهاب وتشريك النقابات الأمنية في إصلاح المنظومة الأمنية".
مون يشيدواشاد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاحد بالمصادقة على الدستور التونسي الجديد، معتبرا انها "مرحلة تاريخية" ودعا الى اكمال المرحلة الانتقالية الديموقراطية في البلاد.
وقال المتحدث باسمه مارتن نيسركي ان "العملية الانتقالية الديموقراطية في تونس اجتازت مرحلة تاريخية جديدة بالمصادقة على دستور جديد". واضاف: ان بان "مقتنع بان المثال التونسي قد يكون انموذجا للشعوب الاخرى التي تتطلع الى اجراء اصلاحات".
واوضح المتحدث ان بان "يشجع الاطراف السياسية في تونس، على ان تتم المراحل المقبلة للعملية الانتقالية بشكل سلمي وشفاف وشامل".
واعتبر بان كي مون ايضا انه "سيكون من المهم العمل كي يكون النمو الاقتصادي بشكل عادل ودائم".
وجدد دعم الامم المتحدة لتونس و"شجع الاسرة الدولية على زيادة دعمها للجهود التي يبذلها هذا البلد، من اجل ترسيخ ديموقراطيته ومواجهة التحديات الاقتصادية المستقبلية