اخوان مصر يواصلون التظاهرات عقب تصنيفهم كجماعة ارهابية (رويترز )
محمد هجرس - القاهرة 2013/12/28 - 03:15:00
جاء قرار الحكومة المصرية، الأربعاء، بوضع تنظيم الإخوان، على قائمة الجماعات الإرهابية، لينهي رحلة درامية استمرت 85 عاماً من طموح «التمكين» وليُسدل الستار على تاريخ طويل من التناقض والنقاش حول قانونية الجماعة المثير للجدل، منذ نشأتها في مدينة الإسماعيلية على يد حسن البنا، عام 1928،
مروراً بقوانين حظر، كان أولها عام 1948، على يد رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي، الذي اغتاله التنظيم الخاص للجماعة ثأراً من قراره بحظر الجماعة وفروعها بالبلاد، عقب قيامها باغتيال القاضي أحمد بك الخازندار عام 1947، لتتورط الجماعة بعد هذا التاريخ في سلسلة من الأعمال الدموية.. لتدفع بعد ذلك الثمن الأقسى، باغتيال مرشدها العام حسن البنا بعد أسابيع قليلة، على يد عناصر قيل إنها وجهت بشكل مباشر من الملك فاروق نفسه، وفي أقوال أخرى، إن اغتياله جاء على يد تنظيمه الخاص نفسه بعدما قيل إن البنا خرج من مكتب التنظيم الخاص حاملاً في يده قوائم بأسماء منتسبيه لتسليمهم للحكومة.
حركة وخفايا
عام 1947 أنهى أقل من 20 عاماً، بالضبط، من ظهورها كحركة دعوية، اكتفت بالعناية بسبل الإصلاح الاجتماعي، قبل أن تنتشر توجهاتها وتصبح تيارا تداخل مع العمل السياسي عام 1938، بعد 6 سنوات من نقل مقر الجماعة إلى القاهرة عام 1932. وسرعان ما انتشر فكره، لتنشأ جماعات فرعية، تحمل نفس الفكر في بلدان عديدة، وتؤسس تنظيماً دولياً لا يخلو من الشبهات، خاصة مع ارتفاع أسهم الجماعة في عالم السياسة، الذي تداخل مع رؤاها بفهم الإسلام، وطرق تنفيذ هذه الرؤى، ليتضاعف الخصوم وتشتد العداوات.
البداية، عندما رفع حسن البنا خطابا إلى حكام المسلمين جاء في آخره بيانٌ بـ50 مطلباً مبنية على تمسك المسلمين بإسلامهم وعودتهم إليه في شأنهم، رافضاً الحزبية وأعلن عداءه للأحزاب التي اعتبرها «نتاج أنظمة مستوردة».
وجاءت الخطورة، عندما أبرزت الجماعة مفهوم القومية الإسلامية كبديل للقومية الوطنية على أساس أن دستور الأمة هو القرآن، وهو ما تجلى في نظريتها الشهيرة «أستاذية العالم».. كذلك هدفها في إقامة دولة ترى أن الحل الوحيد لكافة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، يتمثل ذلك في شعارها الشهير «الإسلام هو الحل».
رأي منشق
د. ثروت الخرباوي، أحد قادتها الذين انشقوا عنها عام 2001 فكرياً وتنظيمياً، عقب 24 عاما قضاها داخل الجماعة، في كتابه الشهير «سر المعبد» كشف كثيراً من التابوهات المحرمة، في التنظيم، ليتعرض لمحاولة اغتيال فاشلة بعدما تم إبطال مفعول قنبلة زرعت داخل سيارة داخل موقف العمارة التي يسكن بها.
الخرباوي، كشف أن «الجماعة لا ترى الا نفسها ولا تقبل من ينتقدها»، ولهذا وصفها بـ»الشيفونية»، وأضاف أنها «جماعة دعوية ضلت طريقها الى السياسة، زعمت انها تريد ان تصلح السياسة بالدين فافسدت دينها بالسياسة»، متسائلاً: ولكن أين هي الجماعة من الدعوة؟! ليجيب بعدها.
تاريخ الحل
بين الحظر والمشروعية، تباينت مراحل الجماعة، ففي عام 1948 أصدر الحاكم العسكري قراره بحل جماعة الإخوان وجميع شعبها في أنحاء مصر، وفي عام 1954 قرر مجلس قيادة الثورة حل الجماعة مرة أخرى.. وفي الثاني من سبتمبر، لسنة 2013، أصدرت هيئة مفوضي الدولة حكما قضائياً بوقف قيد جمعية الإخوان التي تم إشهارها في 19 مارس إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي.
الخرباوي، كشف أن «الجماعة لا ترى إلا نفسها، ولا تقبل من ينتقدها»، ولهذا وصفها بـ«الشيفونية»، وأضاف إنها «جماعة دعوية ضلت طريقها إلى السياسة، زعمت أنها تريد أن تصلح السياسة بالدين فأفسدت دينها بالسياسة»، متسائلاً: ولكن أين الجماعة من الدعوة؟!تاريخ الاغتيالات
يحفل سجل الاخوان بجرائم الاغتيالات، منذ نشأتها وحتى بعد أن وصلت لمقاعد الحكم والمسؤولية.
- في 22 نوفمبر 1947 تم اغتيال القاضي ورجل القانون، أحمد الخازندار، الذي أصدر أحكاماً بحق شباب الإخوان بالإسكندرية.
- في 28 ديسمبر 1948، وقعت حادثة أخرى مدويّة تحمل ذات البصمات، راح ضحيتها محمود فهمي النقراشي، الذي شغل منصب رئيس الوزراء مرتين في مصر، وتم اغتياله بعد 20 يوماً على قراره بحل جماعة «الإخوان».
- بعدها، وفي 24 فبراير 1954، كان اغتيال أحمد ماهر باشا الذي تم في البرلمان المصري.
- في 26 أكتوبر من عام 1954 جاءت محاولة المنشية الفاشلة التي أطلق فيها «الإخوان» النار على الرئيس جمال عبدالناصر أثناء إلقائه خطاباً، ورغم إنكار الجماعة في محاولة لاتهام جهات أخرى، فإن المتهم الثالث (خليفة عطوة) اعترف بعد مرور فترة طويلة بمشاركته فيها، بتكليف من عبدالقادر عودة، القيادي الإخواني الذي تم إعدامه بموجب معطيات تلك القضية.
ـ في السبعينيات أيضا، تمت حادثة الفنية العسكرية، بقيادة الفلسطيني صالح سرية، وأعقبها اغتيال وزير الأوقاف الشيخ محمد حسني الذهبي على يد شكري مصطفى، أحد تلاميذ سيد قطب.
ـ وفي 6 أكتوبر 1981، اغتيل الرئيس أنور السادات، على يد خالد الإسلامبولي، ومجموعة أخرى من الإسلاميين المتطرفين، الخارجين من عباءة الجماعة.
ـ وشهدت التسعينيات موجة من هذه الجرائم الإرهابية، كان أبرزها، اغتيال اللواء رؤوف خيرت، مسؤول النشاط الديني بجهاز أمن الدولة، واغتيال المقدم أحمد علاء مسؤول النشاط الديني بمحافظة الفيوم، واغتيال المقدم مهران عبد الرحيم مسؤول النشاط الديني بأسيوط ومعه نجله (8 سنوات)، كذلك اغتيال العميد ممدوح عثمان مفتش أمن الدولة بأسيوط، إلى جانب عدد آخر، منهم اللواء محمد الشيمي والعقيد أحمد شعلان وغيرهم.
الإخوان والنازية
يلوح لنا وجود شبه كبير بين المبادئ النازية الهتلرية، وبين ما يعتقده وينفذه الإخوان، خاصة في فترة السنة التي وصلوا فيها لحكم مصر، تنفيذاً لمبادئ سيد قطب الذي قسم الشعب المصري إلى قسمين، أحدهما يشتمل على الإخوان المسلمين، والثاني يمثل بقية الشعب المصري من مسلمين وأقباط، وأطلق على القسم الثاني وصف الجاهلين أو الكفار، وذهب إلى أن الشعب المصري ومثله الشعوب الإسلامية الأخرى، تعيش عهد الجاهلية الثانية بعد الجاهلية الأولى التي كانت تعيشها هذه الشعوب قبل الإسلام، وأن رسالة الإخوان هي إعادة هذه الشعوب وعلى رأسها الشعب المصري إلى الإسلام الصحيح الذي يعتنقه الإخوان في دولة الخلافة الإسلامية.
وزعم «سيد قطب» كما زعم «هتلر» من قبل، بأن الإخوان يجب أن تسود مبادؤهم وعقيدتهم كل العالم، من إندونيسيا شرقاً إلى أمريكا غرباً، وعندئذ يصبحون سادة وأساتذة العالم، وحكامه.
مستقبل الإخوان
بعد ان شهدت الجماعة انحدارا كبيرا في مصر وليبيا.. يرى المحللون انه من المتوقع اعادة رسم خريطة قيادات الجماعة، حيث من المتوقع أن تشهد الاحزاب الاسلامية ليس في مصر بل في دول المنطقة الى تفكيكها واعادة رسم خريطة وجود قياداتها وعناصرها محاولة منها للتخلص من أزمتها السياسية والتنظيمية ومحاولة للتغلب على تقويض نشاطها. فمن المتوقع أن تشهد المرحلة حركة تنقلات وتشكيل أحزاب جديدة ومنظمات مجتمع مدني يمكن للجماعة أن تنشط من داخلها.
وربما يكون القرار المصري، وضع الجماعة لأول مرة، في مأزق تاريخي، لا خروج منه، ورغم وزير عدل مرسي السابق، المستشار أحمد مكي، اعتبر القرار «سيزيد وضع مصر تعقيداً»، واستبعد في مقابلة خاصة مع قناة «العربية» من القاهرة أنه «ليس معقولاً أن ينتخب الشعب المصري جماعة إرهابية وهي الجماعة الأقوى تنظيماً في الحياة السياسية». وتناغم معه في هذا الرأي، نادر بكار، مساعد رئيس حزب النور لشؤون الإعلام، الذي وصف القرار خلال لقاء في برنامج «بث مباشر» عبر فضائية «CBC» الخميس الماضي، بـ»المتسرّع دون انتظار حكم القضاء» إلا أن تفاعلات تنفيذ القرار على الأرض باتت أكثر حصاراً للجماعة.