استقبال رسمي لرئيس الوزراء الأردني في بغداد
عدنان برية - عمان 2013/12/26 - 03:05:00
بدأ الأردن محاولة جديدة، أمس الأربعاء، لإذابة الجليد الذي يعتري العلاقات مع العراق منذ سنوات، وسط تباين واضح في أولويات الطرفين.
وأجرى رئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور محادثات ثنائين مع نظيره العراقي نوري المالكي في العاصمة بغداد، التي وصلها صباح الأربعاء في زيارة رسمية على رأس وفد وزاري رفيع المستوى. ويعتري العلاقات الأردنية – العراقية جمود عميق منذ سنوات، رغم محاولات عمان خطب ود بغداد في غير مناسبة، فيما تنظر حكومة المالكي بعين الريبة إلى جارتها الغربية، التي تستضيف العشرات من المناوئين والمعارضين لها، ممن هم على صلة بنظام الرئيس السابق صدام حسين، أو من القوى السياسية المعارضة.
وقالت مصادر دبلوماسية عراقية في عمان، لـ «اليوم»، إن «رئيس الحكومة المالكي طالما نظر بريبة إلى علاقات الأردن مع مناوئيه السياسيين، واستضافته لبعضهم، سواء ممن كان على صلة بالنظام السابق، وممن يشكلون معارضة حقيقية لحكومته».
وبينت المصادر، التي رفضت الإفصاح عن اسمها، أن «الحكومة العراقية طالبت نظيرتها الأردنية مراراً بتسليم مطلوبين سياسيين وأفراد من عائلة صدام حسين إليها، الأمر الذي رفضته عمان بصمت».
وتربط الأردن علاقات وثيقة مع القيادات السياسية والقبلية السنة في العراق، دون أن يمر ذلك عبر قنوات حكومة نوري المالكي، رغم تأكيدات الحكومة الأردنية المتكررة بأن «العنوان الوحيد للتواصل مع بغداد هو الحكومة العراقية». عمان سعت في محادثاتها إلى إعادة إحياء مشروع انبوب النفط العراقي، الذي تعول عليه كثيرا لتجاوز محنتها الاقتصادية، وللتخفيف من ضغط فاتورة الطاقة على ميزانية الدولة، وهو المشروع الذي طالما ظل رهنا بريبة حكومة المالكي وبالمخاطر والتحديات الأمنية.
وقال مصدر رسمي، رافق الوفد الأردني إلى بغداد، إن «النسور بحث مع نظيره العراقي تفعيل اتفاقية الإطار المخصصة لمد أنبوبي نفط وغاز طبيعي، من مدينتي البصرة جنوبا وكركوك شمالا العراقيتين إلى ميناء العقبة الأردني ومصفاة البترول الأردنية، كانت قد وقعت في ابريل الماضي، بعد محادثات شاقة، ولم تدخل حيز التنفيذ العملي». وبين المصدر، في حديث عبر الهاتف مع «اليوم»، أن «الحكومة العراقية رهنت تطبيق اتفاقية الإطار بتحسن الأوضاع الأمنية على الأرض، إذ تشهد مناطق متعددة في العراق هجمات إرهابية من شأنها تخريب العمل بمد الأنبوب النفطي حال بدئه». ولم ينف المصدر، الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، «تقديم الحكومة الأردنية عرضا لنظيرتها العراقية بتوفير الحماية الأمنية لعمليات مد الأنبوب وتشغيله»، تاركا الأمر لحين توصل الجانبين لاتفاق نهائي بشأنه، فيما لم يؤكده أيضا.
ملف الديونكما يشكل ملف الديون الأردنية المتراكمة على العراق، البالغة نحو مليار و100 مليون دولار، واحدا من ابرز اهتمامات عمان، وهي الديون التي شككت في حجمها الحكومة العراقية.
ويحمل الوفد الأردني ملف الديون بعد رسائل تطمين باستعداد الحكومة العراقية لسدادها وفق تسوية تجري بين الطرفين، تتجاوز موقف بغداد الرافض سدادها إلا عبر نادي باريس، وهو ما رفضته عمان سابقا.
وتنظر الأردن إلى الأجندة الاقتصادية كأولوية مطلقة بامتياز، في حين تضع نظيرتها العراقية الأجندة الأمنية على رأس أولويات اهتمامها، خاصة في ظل تمدد الجماعات المسلحة بالمناطق الغربية من العراق، وبالتزامن مع الأحداث الدموية التي تشهدها الجارة الأخرى للبلدين سوريا. وتسعى الحكومة العراقية إلى استثمار ما يرقى إلى نفوذ أردني في المناطق السنية لترتيب اوضاعها الأمنية، التي يتهددها العنف والتفجيرات الانتحارية بشكل متواصل، وتحود دون استقرار الأوضاع الأمنية في العراق.
المعابروجاءت زيارة النسور إلى بغداد تزامنا مع إغلاق الحكومة العراقية، لأسباب أمنية، للمعابر الحدودية مع الأردن (مركز حدود طريبيل) وسوريا (مركز حدود الوليد)، وقبيل إعادة فتحها مباشرة.
وقال السفير العراقي لدى عمان جواد هادي عباس، لـ «اليوم»، إن سلطات بلاده «أعادت فتح المعابر الحدودية مع الأردن، بعد أن اغلقتها لأسباب أمنية داخلية».
وبين عباس أن «رئيس الوزراء نوري المالكي أصدر مذكرة الثلاثاء بإغلاق الحدود لأسباب أمنية داخلية، تتعلق بحملة للجيش العراقي تستهدف معسكرات القاعدة في محافظة الأنبار، فيما انتهت العملية الأربعاء وأعيد فتح الحدود». وأعادت الحكومة العراقية فتح المعابر الحدودية بعد تنفيذ حملة أمنية وعسكرية واسعة في محافظة الأنبار تحت غطاء جوي، لتدمير مناطق تجمع العناصر المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة، وفق الحكومة العراقية.
ويشكل الملف السياسي عنصر تقارب بين عمان وبغداد، خاصة بعد فوز الأولى بالمقعد غير الدائم بمجلس الأمن الدولي، ورغبتها في تفعيل العلاقات السياسية مع دول الإقليم وتوظيفها في المنتديات الدولية، وهو أيضا ما تراه بغداد مدعاة إلى التعاون لإزالة العقبات التي تعترض نشاطها الدبلوماسي دوليا. الوفد الاردني، المرافق لرئيس الحكومة النسور، الذي ضم وزراء «الخارجية» و»الداخلية» و»الصناعة» و»التموين» و»الزراعة» و»التخطيط» و»الطاقة» و»الاشغال العامة» و»النقل»، يوحي بمدى اهتمام الأردن بأولوياته وأولويات العراق، رغم كل ما يعتري العلاقات بين الجانبين.