بدايات الحبِّ:
كيف يبدأ الحب؟
يرى بعضهم أنّ القلب يعلّق من نظرة واحدة. وقد لخّص أمير الشعراء خطوات الحبّ ببيتٍ واحد:
نظرةٌ، فابتسامةٌ، فسلامٌ،
فكلامٌ، فموعدٌ، فلقاءُ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ويؤيِّد هذا الرأيَ القولُ المأثور: " ربَّ صبابة غُرست من لحظة، وربَّ حربٍ جُنيت من لفظة".
ومن العشّاق الذين خطف قلوبَهم الحبُّ من نظرة واحدة الشاعر العاشق العبّاس بن الأحنف،
الذي تصفه بعض المصادر بأنّه شاعر الخليفة العباسي هارون الرشيد ببغداد:
فيا لكِ نظرةٍ أودتْ بقلبي
وخلّفَ سهمُها جسمي جريحا[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وفي مقابل هذا الرأي، نجد رأياً آخر مفاده أنّ القلب يحتاج
لوقت طويل قبل أن يعلَق بإنسان ويتولّه به. فالإمام ابن حزم
يقول في كتابه (طوق الحمامة في الأُلفة والأُلاف):
"وأنّي لأطيل العجب من كلّ مَن يدّعي أنّه يحبّ من نظرة واحدة،
ولا أكاد أصدّقه، ولا أجعل حبَّه إلا ضرباً من الشهوة.
وما لصق بأحشائي حبّ قطّ إلا مع الزمن الطويل،
وبعد ملازمة الشخص لي دهراً، وأخذي معه في كلّ جدّ وهزل."
ولعلَّ الأمر يتوقَّف على نوع الحبّ وطبيعة الشخص،
فهناك مَن هو مرهف الإحساس تأخذ لبه نظرة واحدة ذات معنى،
وهناك مَن يتّسم برجاحة العقل ويحتاج إلى وقت طويل لاختبار
خصائص الآخر قبل التعلّق به.
وقد يبدأ الحبّ في الصغر وينمو ويكبُر كلّما كبر الشخص.
فقيس وليلى التقيا صغيرين وهما يرعيان الأغنام:
تعلّقتُ ليلى وهي غـرُّ صغيرةُ
ولم يبدُ للأترابِ من ثـديها حجمُ
صغيرَين نرعى البَهمَ يا ليتَ أننا
إلى اليوم، لم نكبرْ ولم تكبرْ البَهمُ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ويبدو أن هذا النوع من الحبّ الذي يبدأ في الصغر،
يزداد ويشتدّ كلّما كبر المتحابان، كما يقول المتنبي:
ولكنَّ حبّاً خامرَ النفسَ في الصِّبا
يزيد على مرِّ الزمان ويشتدُّ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وقد تبدأ المودة بخصام، ثمّ ينجذب المتخاصمان
أحدهما إلى الآخر وينقلبان مُحبَّين.
وهذا ما حصل لجميل وبثينة:
وأوّلُ ما قادَ المـودةَ بيننـا
بوادي بغيضٍ، يا بثينُ، سبابُ
وقلنا لها قولاً، فجاءتْ بمثلهِ
لكلِّ كلامٍ، يا بثينُ، جــوابُ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ولكن هناك مَن يعتقد أن الحبّ لا يبدأ في هذه الدنيا وإنّما
في عالم المُثُل والأرواح، ويستمر هذا النوع من الحبّ
حتّى بعد الممات. وهذا ما أراد أن يقوله الشاعر
العُذريّ قيس بن ذريح، عاشق لُبنى:
تعلّقَ روحي روحها قبل خلقنا
ومِن بعد ما كنّا نطافاً وفي المهدِ
فزاد كما زدنا فأصبحَ نامـياً
وليسَ إذا متنا بمنصرمِ العهـدِ
ولكنـّه باقٍ على كلّ حـادثٍ
وزائرنا في ظلمةِ القبرِ واللحدِ[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]