زيارة المقابر

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول الله تعالى " الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر " ( التكاثر 1, 2 )
اما بعد ايها المسلمون عن أبى ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاه فقال له :
" زرالقبور تذكربها الأ خرة واغسل الموتى فأن معالجة جسد خاو موعظة بليغة وصل على الجنائز لعل ذلك
أن يحزنك فأن الحزين فى ظل الله بتعرض كل خير " ( رواه الحاكم وقال رواته ثقات والحديث صحيح )
فكن أخ الا سلا م عاملا بهذه الوصية " وزر القبور تذكزر بها الأخرة" لأن القبر أول منزل من منازل الأخرة
وهى مستحبة للرجال من غير وطء للقبر (ولا الاستعانة بأهلها ولا سؤالهم شيئا ولا مس القبر ولا تقبيله ولا
الطواف به فأنه من عادات أهل الكتاب ولم يعرف التقبيل فى الأسلام ألا للحجر الأسود ولا الطواف الا للكعبة
المشرفة ) .ويقصد بازيارتها وجه الله تعالى واصلاح القلب ونفع الميت بالدعاء له وما يتلى عنده . لأن
زيارتها تحدث للقلب خشية خشية فى القلب وتذكرا للموت وقدثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم فى أول
الدعوة نهى أصحابه عن زيارة القبور لقرب عهد الجاهليةالتى اعتادوا فيها فحش القول .. وبعدذلك امرهم
صلى الله عليه وسلم بالزيارة بعد ان تعلموا الا داب الشرعية للزيارة بعد أن تعلموا الا داب الشرعية المتعلقة
بذلك .. كما ثبت فى حديث أخرجه أحمد والشافعى بلفظ " نهيتكم عن زيارة القبورفزوروها ولا تقولوا هجرا
" وفى رواية أخرى " كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فأنها تذكركم الأخرة " (1) وفى رواية
"فأن فى زيارتها تذكرة " والا مر فى الروايات السابقة للندب عند الجمهور للتعليل الذى بعده . وقال بن حزم
أنه للوجوب ولومرة فى العمر للا مر على الوجوب. أما زيارة النساء فأنه يحرم عليهن الزيارة ان ارتكبن
فيهاما يغضب الله. وعليه تحمل الا حاديث الواردة فى لعن زائرات القبور فعن بن عباس رضى الله عنهما قال
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زا ئرات القبور (2) أى دعا عليهن
بالطرد من رحمة الله تعالي لما يحدث منهن حال الزيارة
من الجزع وشق الجيوب ولطم الخدودفاذا كان هناك اذن بالزيارة فهو لمن خرجت متسترة
خاشعةمتذكرةأمر الا خرة معتبرةبما صار عليه أهل القبورتاركة النياحة ولطم الخدود وشق الجيوب وسوء
القول , أما من تفعل ذلك فيحرم عليها الزيارة..
ولما كانت عادة النساء في هذا الزمان هى الخروج
على أداب الزيارةوأظهارالفتنةالامر الذي لايضمن عدم ارتكابالفجور وعبث الفساق وأهل الشرور ..
فقد رأى العلماء العاملون استنادا الى كل ما ثبت لديهم من أدلة نقلية وعقلية عدم خروج النساء لزيارة
القبور لا ليلا ولا نهارا .. لا فرق فى ذلك بين شابة وغيرها اذ لكل ساقطة لا قطة – وحسبنا مانراه من غالب
أهل الزمان من الفساد والا فساد .. بل ويحرم عليهن الخروج الى المفابر بدون محرم لا سيما في المواسم
والا عياد التى ما جعلت الا للفرح والسرور .. لا للحزن والبكاء ومن القواعد المقررة أن درء المقاصد مقدم
على جلب المصالح . ويسن أن يخرج الزائر متواضعا مراقبا الله تعالى معتبرا بمن تقدمه من الموتى قاصدا
وجه الله تعالى ونفع الميت بالسلا م عليه والدعاء له .. فأذا وصل القبر قام مسلما داعيا مستقبلا القبلة (3)
ووضع اليد على القبر بدعة منكرة من عادة أهل الكتاب – كما قال ابوالليث ويستحب للزائر أن يدنوا من
قبر صا حبه كما لو كان حيا وزاره وهو بالخيار ان شاء زار قا ئما وان شاء قعد كما يزور الرجل أخاه في
الحياة ولا يستلم القبر ولا يقبله . ومن قصد السلا م على الميت سلم عليه من قبل وجهه وأذا أراد الدعاء
تحول عن موضعه واستقبل القبلة . ومن الا دعية الواردة والمأ ثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
: " السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات وأنا انشاء الله بكم لا حقون أنتم فرطنا ونحن لكم تبع

(1) ( اخرجه احمدومسلم والا ربعة وابن حبان والحاكم والبيهقى)
(2) ( اخرجه احمدومسلم والا ربعة وابن حبان والحاكم وحسنه الترمزى)
(3) (على المشهور عند الحنفية )




( 2 )

ونسأ ل الله لنا ولكم العافية " (1) قال عبدالله بن عقبة : عدت رجلا مريضا فلما قدمت عنده قلت كيف تجدك ؟
.. فأنشد يقول : -
خرجت من الدنيا وقامت قيامتى - غداة اقل الحاملون جنازتى
وعجل أ هلى حفر قبرى وصيروا- خروجى وتعجيلى اليه كرامتى
كأنهم لم يعرفوا قط صورتى - غداة أتى يومى على وساعتى
وقال ثابت البنانى رحمه الله تعالى : - دخلت المقابر لأزور القبور وأعتبر بالموتى وأتفكر في البعث والنشور
واعظ نفسى لعلها ترجع عن الغى والغرور.. فوجدت أهل القبور صموتا لا يتكلمون وفرادى لا يتزاورون ..
فأيست من مقالهم واعتبرت بأ حوالهم .. فلما أردت الخروجأذ أ بصرت من يقول لى يا ثابت لا يغرنك صموت
أ هلها فكم قيها من نفسمعذبة أو منعمة .(2)
وقال مالك بن دينار رضى الله عنه : أتيت القبور على سبيل الزيارة والتذكاروالتفكر في الموت والا عتبار ..
فتمنيت من يخبرنى عنهم خبرا أو يقص لى من أ ثارهم فقلت شعرا : -
أتيت القبور فناديتها - فأين المعظم والمحتقر
وأين المدل بسلطانه - وأين العزيز اذا ما فتخر
فرأيت رجلا بين القبور يرد علي بقوله: -
تفانوا جميعا فلا مخبر – وماتوا جميعا وأضحوا عبر
وساروا الي ملك عادل – عزيز مطاع اذا ماأ مر
فياسائلى عن أ ناس مضوا - أما لك فيما مضى معتبر
قال مالك فرجعتأبكى الدموع الغزار واعتبرت بذلك أى اعتبار.
وهل تعلم يابن أدم أن الا رض تناديك فى كل يوم بخمس كلمات فتقول : -
يابن أدم .. تمشى على ظهري ومصيرك الى بطنى
يابن أدم.. تضحك علي ظهرى فسوف تبكى في بطنى
يابن أدم.. تفرح على ظهرى فسوف تحزن في بطنى
يابن أدم.. تأكل الألوان على ظهرى فسوف تأكلك الديدان في بطنى
يابن أدم..تذنب على ظهرى فسوف تعذب في بطنى .
فاتعظ منه وأنذر- أن فى الواعظ غاية
واتخذمافيه ذكرى - ان في هذا كفاية .

**********************************

***************************

(1) (أخرجه أحمد ومسلم والنسائى وابن ماجةوالبيهقى)
(2) (كتاب وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم للأستاذ خالد الجندى من ص 51: ص54

بارك الله بك


وجعلها بميزان حسناتك