عبد الحميد السعيد ـ القاهرة 2014/02/28 - 03:00:00
للمرة الأولى منذ 43 عاماً مضت على افتتاحه، أعلن إغلاق برج القاهرة السياحي في العاصمة المصرية، أمام المصريين والسياح لأجل غير مسمى؛ وذلك بسبب انتهاء عقد الايجار مع أحد المستثمرين اللبنانيين، وضعف الإقبال على المعلم الشهير في منطقة الجزيرة الراقية بقلب العاصمة.
27 يوماً مضت، منذ الإغلاق، في يناير الماضي، وما زال الغموض سيد الموقف، ولا أحد يعرف مصير البرج.
ولم يشفع اعتصام المئات من العاملين بالبرج للمطالبة بحقوقهم وعودتهم للعمل، بعدما أبلغتهم الإدارة بإغلاقه، ورفعوا لافتات مدون عليها «117 أسرة يهددها الجوع»، المحتجون على القرار، ذهبوا الى مطالبة المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الى ضرورة التدخل من أجل عودة افتتاح البرج سريعاً.
ورغم طمأنة العمال من المسئولين، والوعود بعدم الاستغناء عن أي فرد منهم الا أن تخوفات كثيرة تراودهم، لاسيما أن هناك عمالًا لهم أكثر من عشرين عامًا بالمكان.
المسئولون في القاهرة، قالوا: إن سبب إغلاق البرج يعزى إلى أن الشركة التي كان لها حق الانتفاع انتهى عقدها ولم ترغب الجهة المالكة في التجديد لها لأن حالة البرج ساءت بشكل كبير ولم تقم بالصيانة الدورية له ولم يكن هناك مفر من البحث عن مستثمر جديد.
إغلاق مؤقت
من جهته، يؤكد اللواء عزت العيوطي، المسئول عن إدارة البرج، أن قرار الإغلاق مؤقت، وأنه تم التعاقد مع مستثمر جديد، ولفت الى أن البرج سيكون مزارًا سياحياً وسيتم وضعه على خريطة السياحة العالمية، ويضيف أن شركة مصرية هي التي ستتولى إدارته، وستمنح حق انتفاع لمدة 10 سنوات، وقد تم رصد خمسة ملايين جنيه لإعادة ترميمه، وأنه سيفتتح مجدداً للزوار خلال الأيام المقبلة.
وأضاف اللواء العيوطي، أنه لن يتم فتح البرج أمام الجمهور إلا بعد التأكد من سلامة المكان، وإجراء الترميمات وأعمال الصيانة التي تعهد بها المستثمر الجديد، وذلك حفاظاً على حياة الزوار، على أن يتم فتح البانوراما الخاصة بالبرج جزئياً.
الإرهاب السبب
وعلمت «اليوم» من مصادر بالبرج، أن السبب الرئيسي وراء غلق البرج، هو رفض المستثمر اللبناني تجديد العقد، وذلك لضعف إقبال السياح والمصريين على زيارة البرج، وذلك بسبب العمليات الإرهابية التي شهدتها مصر مؤخراً، ولفتت المصادر الى أن المستثمر كان ينفق حوالي مليون جنيه قيمة رواتب العاملين، والمهندسين والمستشارين، والصيانة الخاصة بالمبنى والذي يقدر عددهم ب117 عاملاً خلاف المستشارين، في حين أن العائد المادي لا يغطي تكلفة الإنتاج، وما يؤكد ذلك زيادة سعر تذكرة الدخول الفترة الأخيرة حتى تصبح 20 جنيهاً للمواطن المصري و65 للسائح الأجنبي، والتي تأتي بالتزامن مع عدم استقرار الأوضاع الأمنية مما أدى الى حالة من الركود الاقتصادي.
لا ترميم
وبخصوص الترميم الذي أعلن عنه المسؤول عن إدارة البرج، نفى الأمن المكلف بتأمين البرج لـ«اليوم» القيام بعمل أي عمليات ترميم، وأشاروا الى أنها من قبيل تهدئة الرأي العام لحين الاتفاق مع مستثمر جديد لكي يتولى إدارة المبنى.
ورجحوا أن السبب في غلق البرج حتى الآن، هو عدم الاتفاق بعد مع أي شركة لإدارة الفندق، بدليل أنه أعلن منذ شهر عن عودة العمل مرة أخرى خلال اسبوع، وقد انقضت الفترة المعلنة، ولم يفتح البرج بعد.
تاريخ وذكرى
تاريخياً، أُنشئ برج القاهرة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، في الفترة ما بين عامي 1956 و1961، ويقع في قلب القاهرة على جزيرة الزمالك المطلة على نهر النيل.
وبلغت تكلفة بناء البرج وقتها 6 ملايين جنيه، منحتها أمريكا لبعض عملائها في مصر، للانتقام من الرئيس عبد الناصر لكي يتخلى عن دعم الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، إلا أن العميل، سارع بإبلاغ الرئيس عبد الناصر، الذي رصد المبلغ لبناء البرج ليظل شاهداً على رفض مصر التخلي عن موقفها الداعم للقضية الجزائرية، وقامت ببناء البرج بالمبلغ.
زهرة اللوتس
المبنى الأعلى في العاصمة المصرية القاهرة، صممه المهندس نعوم شبيب، على شكل زهرة اللوتس الفرعونية، رمزًا لحضارة المصريين العريقة، لكي يكون أحد المزارات التي تجتذب السائحين من أنحاء العالم وليس الزوار المصريين فقط، بارتفاع 187 مترًا، بحيث يكون أعلى من ارتفاع الهرم الأكبر بـ43 متراً، وهو مكون من 16 طابقًا وقاعدته من الجرانيت الأسواني الذى استخدمه الفراعنة في بناء مقابرهم ومعابدهم.
واشترك في بنائه 500 عامل، ويظهر على واجهة البرج نسر الجمهورية مصنوعا من النحاس الأحمر، على ارتفاع 8 أمتار، ويكسو الجدار الداخلي الشكل الشبكي.
فيما يوجد على قمة البرج مطعم سياحي على منصة دوارة تدور برواد المطعم ليروا معالم القاهرة من كل جانب.
ولم يتوقف دور البرج خلال فترة الستينيات عند كونه معلمًا سياحيًا بارزًا، وإنما تجاوز ذلك عندما تحول إلى مركز رئيسي لبث الإذاعات التي انطلقت من القاهرة لتغطى قارتي إفريقيا وآسيا.
يذكر أن البرج أغلق في عام 2006، ولمدة عامين تم خلالهما إجراء صيانة وتجديدات تكلفت 15 مليون جنيه شملت معالجة وترميم خرسانية وإضافة ثلاثة أدوار من خلال هياكل معدنية أسفل البرج ودور أعلى المدخل الرئيسي مباشرة.