أ ف ب - اسطنبول 2013/12/21 - 03:15:00
وسط قرقعة السلاح والفوضى في بلد في حالة حرب، تواجه اذاعة «الكل» التي تبث من اسطنبول صعوبة في إسماع صوتها، لكن مؤسسيها ملتزمون من منفاهم التركي العمل كل يوم على تقديم المعلومات الحرة للسوريين في الداخل.
وفي استوديو صغير في الطابق التاسع في مبنى قديم في اسطنبول، يعمل اثنان من الصحافيين على وضع اللمسات الاخيرة لنشرتهم الاخبارية اليومية.
وأمس سُجلت عشرون دقيقة كُرست معظمها للغارات التي يشنها طيران نظام بشار الاسد على المناطق التي يتحصن فيها المتمردون في مدينة حلب شمال سوريا.
وخلال النشرة يستضيف مقدم البرامج محمد البارودي وعبر موقع التواصل الاجتماعي «سكايب» احد المراسلين المحليين، الذي يصف مشاهد القصف على المدينة.
لكن بعد وقت قليل ينقطع الاتصال بسبب مشاكل فنية، وهي حتى الآن واحدة من التحديات العديدة التي تواجه اثني عشر من العاملين في راديو «الكل» الناطق باللغة العربية.
ويقول مدير البرامج ابي صقر ان «هذه مشكلة حقيقية».
وأضاف: «في الغالب ننتظر اتصالات، لكن لا أحد يتصل. لكن علينا القول ان هذا ليس بالامر السهل، غالبا ما يكون هناك انقطاع في التيار الكهربائي أو خطوط الانترنت في سوريا».
وعلى الرغم من هذه الظروف الصعبة، يقوم هؤلاء ببث برامجهم طوال اربع ساعات وبشكل يومي.
وبعد ان يتم تسجيل البرامج في اسطنبول يجري تخزينها على ملف ثم تحميلها عبر الإنترنت في سوريا، حيث يقوم فنيون بتحميلها وبثها عبر أجهزة ارسال صغيرة سرية منتشرة في سبع مناطق من البلاد.
وهناك تؤثر الحرب على الجدول الزمني للبرامج المعدلة.
ويقول صقر: «اذا لم يكن هناك تفجير، يمكن ارسال التحويل» ولكن اذا كان هناك أي خطر، نطلب من رجالنا التوقف فحياتهم هي أكثر أهمية».
وعلى الرغم من هذه القيود الصعبة التي تعترض عملية البث، يعتبر احمد زكريا نفسه بأنه صحفي سعيد، لانه قبل «الثورة» كان يعمل في حمص (وسط) في ظل رقابة مشددة من الدولة.
ولكن منذ لجوئه الى تركيا يقول انه ارتاح إلى حد كبير.
ويضيف: «في الداخل، لم تكن هناك حرية في العمل»، مشيرا الى انه «في المقابل عندما نعمل من الخارج ممكن ان نوصل صوتنا للسوريين المحاصرين بصورة اكثر فعالية».
وعلى الرغم من بعد الاذاعة نحو الف كيلومتر من دمشق، الا ان حرية التعبير هذه لا تخلو من المخاطر. وتقوم «سلافة» ذات الثلاثين عاما ببث برامجها عبر اذاعة «الكل»، تحت اسم مستعار.
وتقول مقدمة البرامج السابقة في التلفزيون السوري انها ابتعدت عن بلادها ولكنها لم تبتعد عن الخوف والانتقام لا سيما ان افراد عائلتها لا زالوا في سوريا.
وتضيف «أخاطر كثيرا بحياتي على الرغم من انني أتجنب الحديث عن السياسة»، معترفة بأن الحرية ليس لها ثمن.
وتوضح «لم أتخيل يوما أن أجد نفسي في موقف اتمكن فيه من قول الحقيقة ضد النظام وما فعله ضد أبناء شعبه».
ومثل جميع الاذاعات الاخرى التي ظهرت بعد اندلاع الثورة في سوريا في 2011 فإن اذاعة «الكل» تعادي وبشراسة النظام في سوريا. ولكنها ترفض ان يطلق عليها تسمية اذاعة «المتمردين».
وتصر هذه الاذاعة القريبة من ائتلاف المعارضة السورية الذي تبث من مكاتبه في اسطنبول، وتأسست في ابريل ويجري تمويلها من منظمات غير حكومية امركية او اوروبية، على استقلالها المالي والتحريري.
ويقول صقر: «لا تربطنا اي صلة بهم، نحن لدينا خط التحرير الخاص بنا» ولكن «عندما ننتقدهم يجن جنونهم».
ويتابع سنان حتاحت مسؤول اتصالات الائتلاف اذاعة «الكل» ولكنه يؤكد هو ايضا انها اذاعة مستقلة. وقال «اذا ما نجحت الثورة فإن الفضل في هذا يعود الى النشطاء المستقلين الذين يعملون احيانا دون ان تكون لهم أي علاقة مع الداخل».
وأضاف إن «الفكرة هي ايجاد اعلام حر نابع من الديموقراطية التي نريدها لسوريا».
وتأمل اذاعة «الكل» اعتبارا من الشهر المقبل ان تبدأ البث المباشر، خصوصا مع توسع دائرة مستمعيها الذين لا يتجاوز عددهم في الوقت الحاضر 100 الف نسمة في اليوم الواحد